منتدى مدرسة المسجد الكبير العلمية العتيقة بتراست
المدارس العتيقة في الصويرة 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة / انت غير مسجل في هذا المنتدى يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا المدارس العتيقة في الصويرة 829894
ادارة منتديات مسجد الكبير لتراست المدارس العتيقة في الصويرة 103798
منتدى مدرسة المسجد الكبير العلمية العتيقة بتراست
المدارس العتيقة في الصويرة 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة / انت غير مسجل في هذا المنتدى يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا المدارس العتيقة في الصويرة 829894
ادارة منتديات مسجد الكبير لتراست المدارس العتيقة في الصويرة 103798
منتدى مدرسة المسجد الكبير العلمية العتيقة بتراست
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى مدرسة المسجد الكبير العلمية العتيقة بتراست

التواصل مع المدرسة : madrasttarrasst@gmail.com
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 المدارس العتيقة في الصويرة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
حسن اليوربوعي

حسن اليوربوعي


عدد المساهمات : 571
نقاط : 11516
تاريخ التسجيل : 13/10/2010
العمر : 53
الموقع : جهة سوس

المدارس العتيقة في الصويرة Empty
مُساهمةموضوع: المدارس العتيقة في الصويرة   المدارس العتيقة في الصويرة I_icon_minitimeالجمعة 25 نوفمبر - 1:04

المدارس العتيقة بإقليم الصويرة
رجالاتها وإشعاعها العلمي
(منطقة الشياظمة نموذجا)



درج المغاربة بصفة عامة منذ دخول الإسلام إلى أرضهم على الاعتناء بكتاب الله، والاهتمام بالثقافة القرآنية باعتبار أن القرآن الكريم هو المصدر الأول للشريعة الإسلامية، وأنه يمثل دستور المسلمين الخالد في مشارق الأرض ومغاربها، وهو رمز للوحدة الدينية العقدية ومنه تستمد باقي مظاهر هذه الوحدة.
وقد وردت نصوص تشريعية كثيرة في القرآن وفي الحديث النبوي الشريف، وفي السيرة النبوية تحث المسلمين على الاهتمام بالقرآن وبتعلُّمه وتعليمه، وتلاوته وتدبره، وتحكيمه والاحتكام إلى شريعته، ومن ثم كان القرآن الكريم المعين الصافي الذي تستمد منه باقي العلوم الإسلامية الأخرى.
من ذلك قوله تعالى: "ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا"1، وقوله - صلى الله عليه وسلم-: "خيركم من تعلم القرآن وعلمه"2، وبوب الإمام البخاري على اغتباط صاحب القرآن، وأورد بسنده المتصل حديث عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما- قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقول: "لا حسد إلا على اثنتين: رجل آتاه الله الكتاب وقام به آناء الليل، ورجل أعطاه الله مالا فهو يتصدق به آناء الليل وآناء النهار"3.


ـــــــــــــــــــــــــ
1 فاطر، الآية: 32.
2 فتح الباري، كتاب فضائل القرآن، باب- "خيركم من تعلم القرآن وعلمه"، ح. 5027.
3 صحيح البخاري، كتاب فضائل القرآن، باب- اغتباط صاحب القرآن، ح. 5025.
وقد جسد أبناء الإقليم الصويري المعطاء مظاهر هذا الاهتمام وهذا الاعتناء بكتاب الله تعالى، وعملوا على تأسيس المساجد والكتاتيب والمدارس العلمية تحقيقا لواجبهم الديني والحضاري والاجتماعي... وسأحاول في هذه المشاركة أن أكشف عن جهود علماء وقراء مغاربة بهذا الإقليم أبلوا بلاء حسنا في خدمة كتاب الله والعلم الإسلامي وتخرجت على أيديهم أفواج متعددة من طلبة القرآن والقراءات والعربية والفقه، وذلك عبر مساجد وكتاتيب ومدارس علمية عريقة في منطقة الشياظمة.
كما تميز أهل هذه المنطقة بتقدير أهل العلم وحبهم والتفاني في خدمة كتاب الله، يضاف إلى ذلك وجود العديد من رباطات وزوايا الطائفة الرجراجية التي كان لرجالاتها دور كبير في نشر العلم الإسلامي في جهات متعددة من المغرب بصفة عامة وفي الإقليم الصويري بصفة خاصة.
وسأتناول هذا الموضوع وفق النقط التالية:
1. منطقة الشياظمة وعطاءاتها العلمية.
2. المدارس والشيوخ.
3. الواقع والأفاق.

1- منطقة الشياظمة وعطاءاتها العلمية.
تمتد منطقة الشياظمة من المنطقة الجنوبية لوادي تانسيفت إلى مرسى الصويرة، وتتكون من مجموعة قبائل ذات أصول بربرية وعربية، فمن البربر المصامدة: رجراجة، ومسكالة، ومن العرب قبائل تنحدر من بني معقل مثل الشراردة، والشبانات وغيرهم، وأخرى تنحدر من مُضَر مثل قبيلة الحارث1، كما أن فيها قبائل ذات أصول صحراوية من جنوب المغرب كالتوباليين والزركيين وغيرهم.
ــــــــــــــــــــــــــ
1 محمد بن أحمد الكانوني: آسفي وما إليه../ مصر 1353هـ ص: 34.
وأكثر قبائل الشياظمة وِجْهاتُهم رجراجية، الذين نالوا التقدير والاحترام منذ القديم بسبقهم إلى الدخول في الإسلام، وبجهادهم في سبيل نشره بين سكان المغرب1، وقد كانوا يسكنون في الأصل على عدوتي وادي تنسيفت عند مصبه في البحر، ثم اختلطوا بالقبائل المحلية ورحل بعضهم إلى جهات نائية ومتفرقة إذ استوطن بعضهم بسوس، وبعضهم بالسراغنة وعبدة، ودكالة والشاوية ثم بالمدن مثل آسفي والبيضاء والرباط ومكناس وغيرها ولم يبق منهم بمواطنهم الأصلية بالشياظمة إلا زوايا معدودة مندمجة في الوسط الشياظمي2 وهي زاوية حمو بن حميدة، ومرزوك، وغيسي وكْراتْ، وسكياط، وأبي العلم، ومرامر، ومزيلات، وتالمست، وتاوريرت، وأقرمود، ورتنانة...
- العطاء العلمي لهذه المنطقة:
لا ينحصر عطاء منطقة الشياظمة العلمي في حدودها الإقليمية، وإنما يتعدى إشعاع أبنائها العلمي إلى جهات عديدة من المغرب، فقد أشير إلى سبق الرجراجيين إلى الإسلام، وهذا أعطاهم فرصا عديدة ليظهر منهم نبغاء من حملة العلم بين الفينة والأخرى.
كما أشير إلى توزعهم بين العديد من مناطق المغرب، مما جعلهم يكرمون ويبجلون، ويتفرغون للعلم والصلاح والدراسة والتدريس، وسأذكر في هذه العجالة أسماء لامعة من البيت الرجراجي من ميدان التأليف ذكرا لا حصرا، منهم في القرنين السادس والسابع، العلامة الأصولي أبو الحسن على بن سعيد الرجراجي صاحب كتاب "مناهج التحصيل فيما على المدونة من التأويل"3.



ــــــــــــــــــــــ
1 أبو بكر البيدق: المقتبس من كتاب الأنساب/ الرباط 1971 ص: 50.
2 المصدر نفسه.
3 ينظر المعسول المجلد الخامس ففيه تعريف كاف بهذا الكتاب المخطوط والموجود بخزانة القرويين.
ومنهم في القرن التاسع الأستاذ المقرئ النظار الأصولي أبو علي حسين ابن طلحة الشوشاوي الرجراجي دفين أولاد برحيل بقبيلة المنابهة بإقليم تارودانت، صاحب كتـاب "رفع النقاب عن تنقيح الشهاب"، وهو الكتاب المعتمد في تدريس مادة الأصول بالعديد من مدارس سوس العلمية على عهد قريب1، وله أيضا "ريُّ العطشان"2، وهو شرح لمورد الظمئان
للخراز في فن رسم القرآن الكريم، وله "الفوائد الجميلة على الآيات الجليلة"، حقق بدار الحديث الحسنية3، وطبع مؤخرا ضمن مطبوعات وزارة الأوقاف المغربية، وله مجموعة في الطب، ونوازل فقهية وله "جلية الأعيان على عمدة البيان"4.
ومنهم قاضي تادلة ومراكش الإمام المشارك أبو عبد الله محمد بن عبد الله الرجراجي، عهد إليه السلطان أحمد المنصور الذهبي السعدي باختصار تفسير الكشاف للزمخشري، والكلام معه في مواضع سَقَطِهِ5.



ـــــــــــــــــــــــ
1 سوس العالمة ص: 177/ طبع كتاب "رفع النقاب عن تنقيح الشهاب" للرجراجي الشوشاوي (ت. 899 هـ) بمكتبة الرشد بالرياض بتحقيق أحمد بن محمد السراح مع عبد الرحمان بن عبد الله الجبرين، ط.1 1425هـ، 2004م في سـتة مجلـدات. يضم كل واحـد منها ما يلي من الصفحات: (م.1/ 700 ص، م.2/ 688 ص، م.3/ 405 ص، م.4/ 683 ص، م.5/ 598 ص، م.6/ 527 ص). وتبتدئ الفهارس من الصفحة 311 من م.6، فيكون مجموع هذه الموسوعة الأصولية للعلامة الرجراجي 3601 صفحة، ولا نعرف لغيره من العلماء الرجراجيين مثل هذه الموسوعية والغزارة في التأليف – رحمة الله عليه-.
2 وقفت على نسخة خاصة منه من بقايا خزانة المقرئ أحمد النجاري البعمراني عند حفيده السيد محمد بن المكي إمام الزاوية الوكاكية بأكلو.. وذلك عند زيارته في شهر رمضان 1408هـ.
3 حققه الأستاذ العزوزي أستاذ بكلية الشريعة بفاس.
4 سوس العالمة ص: 177.
5 الأعلام للمراكشي 5: 248/ آسفي وما إليه ص: 26.
ومنهم الفقيـه العلامة أبو العبـاس أحمـد بـن علـي الرجـراجي الهشتوكـي (ت. 965هـ) صاحب كتاب "الإيضاح في شرح الرسالة"، والفتاوي وغيرها1 وذكر العلامة محمد المختار السوسي أن له أيضا شرحا على المدونة في الفقه المالكي2.
ومنهم الإمام المتفنن أبو الحسن علي بن أحمد الرجراجي التمناري (ت. 1049هـ)، صاحب شروح: ألفية ابن مالك، والجمل للمجرادي، وفرائض ابن ميمون، والكبرى والصغرى للسنوسي، كما قام بجمع قاموس للكلمات التي لم تعد تتداول، وشرحها، سماه "جمع كلمات من الأموات"، وله حقائق في الإعراب3.
ومنهم الإمام أبو مهدي علي بن عبد الرحمن الرجراجي السكتاني (ت. 1062هـ)، قاضي الجماعة بسوس ثم مراكش، وصاحب الحواشي على صغرى السنوسي4.
كما عرف فرع رجراجي آخر من زاوية أقرمود بإشعاعه العلمي في منطقة دكالة بمدرسة أولاد ابن الشاوي قرب الزمامرة وهذا الفرع ينسبون إلى السيد إبراهيم الشاوي لقبا
القرمودي الرجراجي نسبا5، نبغ فيهم عدة رجال كانوا مثال الفضل والعلم والدين، مثل الإمام المقرئ النحوي السيد محمد بن المؤذن المتوفى سنة 1289هـ مؤلف حاشية على المكودي شارح ألفية ابن مالك وهي المعروفة بحاشية ابن المؤذن، ورأيناها معتمدة ومتداولة لدى طلبة المدارس العتيقة بالشياظمة وعبدة ودكالة والشاوية.
وكذلك الفقيه الحساني (ت. 1299هـ) والفقيه العلامة النحوي الملقب بسيبويه أبو العباس أحمد بن الجيلالي (ت. 1315هـ) وغيرهم من رجالات العلم بهذه الجهة الذين قاموا بدور عظيـم في نشـر العلم وبثـه في ذلك الصقع، إذ كانت لهم مدرسة من قديم، لكنهم لما
ــــــــــــــــــــــــ
1 المرجع نفسه.
2 سوس العالمة ص: 179.
3 الحضيكي 2: 245 (ط 1. 1355هـ البيضاء).
4 المرجع نفسه/ آسفي وما إليه ص: 26.
5 المرجع نفسه ص: 20.
نشأوا بها رقوها لأعلى مراتبها، وأدخلوا عليها علوما حوالي منتصف القرن الثالث عشر الهجري، وجلسوا بأنفسهم لإفادة الطالبين للعلوم، وتخرج من مدرستهم جم غفير من الطلبة… ونمط هذه المدرسة في التدريس وفي العلوم المُدرَّسَة يسير على نمط جامع القرويين، فهم يدرسون الفرائض من مختصر خليل، ولا يدرسون جمل المجرادي ولا منظومة الزواوي لقواعد الإعراب لابن هشام بالنسبة للمبتدئين على خلاف المدارس السوسية، في حين أنهم يدرسون الأجرومية والألفية.
- تفاعل المحيط الشيظمي مع مركزه الحضاري:
أما فيما يرجع إلى مدى تفاعل المحيط اليشظمي مع مركزه الحضاري المحدث في القرنين الأخيرين والمتجلي في مدينة الصويرة، هذه المدينة التي أسست من أجل المساهمة في إغناء المنطقة والعمل على ازدهارها، وخلق الرواج التجاري الذي يستقطب أكبر قدر ممكن من رؤوس الأموال لتستثمر هناك، ويعود نفعها على المنطقة بالاستقرار والاطمئنان، وأن تتحول المنطقة إلى مركز استقطاب وموئل استيطان للعديد من الفئات المغربية والأجنبية بعد أن كانت تهددها الهجرة ونزوح أبنائها، خصوصا في السنوات المُجْدِبة.
وبما أن طور النشأة الذي عرفته المدينة في عهودها الأولى يقتضي الاستقطاب والاستمداد من المحيط القريب، فقد كانت منطقة الشياظمة رافدا حيا وشريانا نابضا لهذه المدينة ليس فقط من حيث المساهمة في الرواج الاقتصادي والتجاري، بل أيضا في الحياة العلمية والدينية والاجتماعية للمدينة، وهكذا وفي ظرف قرنين من الزمن تقريبا، أعطت منطقة الشياظمة لمدينة الصويرة من القضاة والعدول والمؤقتين وأئمة المساجد وحفظة القرآن الكريم بالقراءات السبع وغيرها العطاء الأوفى، ومدتها بالأطر الكافية في هذا المجال، فكان أن أعطت من القضاة الشَّيْظَميين حسب ما ذكره المؤرخ الصديقـي1- حوالي عشرة قضاة في ظرف مائة سنة، أي طيلة القرن الثالث عشر الهجري.
ـــــــــــــــــــــ
1 إيقاظ السريرة لتاريخ الصويرة صفحات 25-26-50-57… وغيرها (طبعة دار الكتاب بالبيضاء "د، ت").
هذا مـع العلم أن مؤسس هـذه المدينة السلطان سيـدي محمـد بـن عبـد الله (ت. 1204هـ 1790م) اعتنى كثيرا بالعلم والعلماء والتأليف والتحقيق وإصلاح التعليم ووزع خزانة جده المولى إسماعيل التي كانت تضم 1200 مجلد على عموم الجوامع الكبرى بالمغرب ونالت مدينة الصويرة حظها من هذه الخزانة، وما زالت بقايا من هذه المخطوطات بجامع القصبة إلى اليوم شاهدة على ما كانت تحتويه من النوادر والنفائس، كما وزع العلماء الكبار على أهم المراكز العلمية في البلاد لينشروا العلم ويهذبوا الطباع ويحدوا من شوكة الفتن، فاجتمعت على هذا السلطان قلوب المغاربة بكافة شرائحهم، فالعلماء استهواهم علمه والجند أرهبتهم سطوته، ورجال القبائل جمعهم حلمه وعدله، والمال وفرته حنكته وحزمه ونزاهته فتميز عصره على غيره من العصور بأن كان من أحسن المراحل التي عرفها المغرب في تاريخه الحديث. وقد كان – رحمه الله- يشترط أن يعين قضاة الصويرة من فاس1، علما بأن القاضي في ذلك العهد يقوم بمهمة التقاضي وبنشر العلم وإعطاء دروس التوعية والوعظ، وعلى الرغم من وجود هذا الشرط في اختيار القاضي بهذه المدينة فقد حازت منطقة الشياظمة قصب السبق في هذا المجال العلمي الريادي.
وبالنسبة لأئمة المساجد، فقد كانت هناك ظاهرة فريدة وهي أن خطيب جامع ابن يوسف يكون شيظميا، كما أن خطيب مسجد القصبة يكون حاحيا، وخطيب مسجد البواخر يكون صويريا!، ويقول الصديقي: "وعليه أدركنا الناس وأخيرا تغير ذلك الوضع"2.





ـــــــــــــــــــ
1 المرجع نفسه ص: 25.
2 المرجع نفسه ص: 37.
ويكفي شاهد آخر على مساهمة الشياظمة والرجراجيين منهم على وجه الخصوص أن يحمل بيت آل عبد الصادق الرجراجيين مشعل العلم بالصويرة زهاء أربع وستين سنة من القرن الثالث عشر الهجري إلى غاية الرابـع عشر وهـذا لم يتفـق لأية أسرة صويرية منذ التأسيس إلى الآن1.
كما أن أشهر مؤقتي الصويرة كان هو مولاي علي الشيظمي المتوفى سنة 1300هـ2 وهكذا يظهر جليا أن منطقة الشياظمة على تواضعها وبداوتها وتهميشها تنمويا، قد ساهمت بيوتاتها في تمركز الوسط الحضاري بالصويرة بما قدمته وبما أنجبته من حَمَلَةِ العلم والمعرفة، ولم يكونوا من خريجي جامعات أسست بالمدينة إبان التأسيس ولا بعده وإنما كانوا من خريجي المدارس العلمية الشعبية التي أصبحت اليوم تعرف بالمدارس العتيقة بمقارنتها بالمدارس العصرية الحديثة.
ويبقى أن نعلم بعضا من مراكز العلم بهذه القبيلة التي كانت ولا شك، وراء هذه العطاءات التي سبق الإلمام بها وإن كانت قلة الكتابة والتأريخ للمؤسسات والأشخاص من المعوقات الكبيرة التي تواجه الباحث الذي يغشى هذا الميدان وأمثاله من الميادين ذات الصبغة الاجتماعية والعلمية بصفة خاصة.
2- المدارس والشيوخ:
لن يكون بحثي شاملا لكل مدارس الشياظمة على وجه التمام والحصر وإنما سأذكر مجموعة هامة منها مع التعريف بطائفة كبيرة من علمائها الذين أصبحوا أو كادوا أن يصبحوا من المغمورين بسبب قلة الكتابة والتدوين.
أ‌- المدرسة السكاطية: (الموقع التأسيس/ أشهر شيوخها/ سندها في الإقراء/ مساهمتها في إيجاد مدارس أخرى).
ـــــــــــــــــــــ
1 إيقاظ السريرة... ص: 114.
2 المرجع نفسه ص: 121.
تقع هذه المدرسة بزاوية سكياط شرق قرية تالمست أسست في عهد السلطان المولى إسماعيل العلوي، أسسها العلامة القاضي أبو جماعة السيكاطي الذي كان قاضيا على الشياظمة ورجراجة بظهير إسماعيلي1، ومن حسن الاتفاق والمصادفات أن حضر معه في حفل التأسيس، تشريفا وتكريما لصنيعه العلامة أبو علي اليوسي (ت. 1102هـ) الذي جاء للتبرك بالموسم الرجراجي، وفي تلك السفرة إلى الشياظمة ابتدأ تأليف كتابه "المحاضرات" وذلك عام (1095هـ)2.
وبعد وفاة العميد المؤسس القاضي أبي جماعة المذكور، تولى ابنه القاضي عبد الله أبي جماعة بن مسعود السكياطي الرجراجي مهام تسيير المدرسة والتدريس بها، فقد كان فقيها علامة مشاركا، حافظا للقراءات، تولى القضاء ببلده في دولة السلطان أبي مروان عبد الملك بن المولى إسماعيل3.
ثم آلت رئاسة المدرسة إلى شيخ العلم والإقراء السيد عبد الله بن علي بن مسعود الرجراجي السكياطي4، فخر الزاوية السكياطية في وقته، وفخر الطائفة الرجراجية أيضا، ذلك الإمام الكبير في العلوم الإسلامية مع الورع والتقوى، جال في المغرب والمشرق وحج، والتقى بالعلماء، ثم عاد لهذه المدرسة لينشر بها العلم، ويقصده الطلبة من الآفاق، فكانت المدرسة على عهده غاصة بالطلبة، يباشر فيها الإقراء بنفسه في جميع الفنون المقررة فقها وعربية وعلوم قراءات، وقد تعاهد هذا الشيخ مع رفيقه في العلم والطلب المقرئ السيد محمد التهامي الاوبيري الحمري على أن يكتب المتأخر منهما وفاة ترجمة المتقدم عنه، فكان أن كتبها الاوبيـري وسمى
ــــــــــــــــــــــــــ
1 السيف المسلول فيمن أنكر على الرجراجيين صحبة الرسول – صلى الله عليه وسلم- "للمقدم السيد عبد الله ابن محمد بن البشر"، ص: 5.
2 المحاضرات للحسن اليوسي ص: 44 (ط. دار المغرب الرباط 1369هـ 1976م).
3 السيف المسلول ص: 262.
4 الإعلام للمراكشي 8: 333 / آسفي وما إليه… ص: 26-27.

كتابه "إتحاف الخل المواطي ببعض مناقب الإمام السكياطي"1، ومما جاء فيه عن هذا العالم أنه كان عارفا بالتجويد ضابطا لأصول القراءة وفروعها حافظا للسبعة، نحويا، عارفا بالحديث، والفقه والتفسير، ورعا، ذكيا حج وجاهد، وكان يقوم من الليل ما شاء الله.
قال الأوبيري واصفا السيد عبد الله السكياطي: "كان -رحمه الله- شيخا حسن العمة (كذا) (ولعلها النغمة)، كثير الهمة، مليح الوجه، طاهر اللون، رجل بين الرجلين، أبيض مشوب بصفرة مثل لون أهل الجنة، منور الشيبة، تجللته السكينة والوقار، مشتهرا بالخير كأنه نار على علم أو منار، صدوق اللهجة، رافقته أكثر من عشر سنين، فما رأيت أصدق لهجة منه، وأجرز ملابس الثناء، كثير الحياء… ومع حيائه الكثير فهو – رحمه الله- في الحق سيف صارم، لا يخاف في الله لومة لائم"2.
ومن ورعه أنه امتحن بالقضاء أيام السلطان المولى سليمان، فذهب إليه راغبا منه أن يعفيه من ذلك فلم يرفع له رأسا، وقال له: مثلك يجبر بالحبس والضرب على تولية القضاء ولا يتعرض له أحد، فسكت، ولما رجع من عنده فر بنفسه حتى أنجاه الله بصدقه3.
ومما قلته عنه في كتابي الدراسات القرآنية 4 "سيـدي عبد الله السكياطي الرجراجي الشيظمي (ت. 1244هـ) الذي لم يعرف له تواليف، ولكن كان له علم موثق غزير رحل من أجله شرقا وغربا، وبثه في صدور الناس، ويكفيه أن يكون أستاذا لسيدي الزوين الحوزي الاوديي الشهير المتوفى سنة 1311هـ5 حامل لواء القراءات القرآنية، وصاحب المـدرسة

ــــــــــــــــــــــــ
1 دليل مؤرخ المغرب الأقصى للأستاذ عبد السلام بن سودة البيضاء دار الكتاب 1: 176/ ط. 2: 1960.
2 إتحاف الخل المواطي الورقة 2-3.
3 السيف المسلول.. ص: 263.
4 الدراسات القرآنية بالمغـرب في القرن الرابع عشر الهجري نسختان مرقونتان بكليتي الآداب بالرباط وأكادير ج1. ص: 99.
5 الإعلام المراكشي 7/ 108/ فهارس 2: 849.
الذائعة الصيت التي مازالت تؤدي رسالتها في علم القراءات إلى اليوم، شاهدة بذلك على صلاح وصدق نية مؤسسها – رحمه الله عليه-"1.
هكذا يتجلى لنا أن المدرسة السكياطية ساهمت بفضل شيخها السيد عبد الله السكياطي في إنجاب مدرسة سيدي الزوين التي ستساهم بدورها في إنجاب مدارس أخرى عديدة، وبذلك يتسلسل العلم الإسلامي بالسند المتصل الذي هو من خصائص هذه الأمة ويكون السند بناء على ما ذكر كالآتي:
سيدي الزوين عن عبد الله السكياطي عن محمد بن عبد السلام الفاسي عن عبد الرحمن بن إدريس المنجرة عن ابن القاضي عن ابن غازي… الخ2، وكل من أخذ عن سيدي الزوين مباشرة أو بطريقة غير مباشرة يلتحق بهذا الإسناد الشهير الحلقات بالمغرب الأقصى منذ أجيال وبذلك تحافظ المدارس العتيقة على تسلسل قراءات القرآن الكريم السبع والعشر بالروايات الشفوية باعتبارها شرطا أساسيا في نقل القرآن الكريم من حيث الأداء، وذلك هو المقصد الأسمى من ضبط السند.
وقد تسلسل العلم في الأسرة السكياطية المؤسسة للمدرسة بدون انقطاع، من القرن الحادي عشر الهجري، إلى منتصف القرن الرابع عشر الهجري فخلف سيدي عبد الله المذكور ولده سيدي محمد الشريف المتوفى بالعقبة من منى بالحجاز سنة 1255هـ3.
وبعده القاضي عمر أبي الجماعة قاضي الصويرة والشياظمة المدرس النفاعة، تولى القضاء والخطبة بالصويرة عام 1965هـ4، وتوفي بعد ذلك بسنة وتولى بعده ولده العلامة السيد محمد بن عمر، شيخ الفقيه سيدي علي بن عبد الله الكراتي وخاله، توفي ابـن عمـر المذكور

ـــــــــــــــــــــ
1 الدراسات القرآنية بالمغرب في ق 14هـ ص: 99.
2 فهرس الفهارس 2: 849.
3 السيف المسلول ص: 5.
4 آسفي وما إليه… ص: 27/ السيف المسلول ص: 300/ إيقاظ السريرة لتاريخ الصويرة ص: 71.
عام 1317هـ1، وأخيرا ولده عبد الرحمن العلامة النوازلي المفسر للقرآن الكريم عقب الحزب الراتب بالمدرسة السكياطية، يؤمه الطلبة من كل حدب وصوب إلى أن اعتراه الشغف المادي، فاقتصر على الإفتاء، وكان بالمحل الذي لا يجهل، أخذ بمدرسة بوعنفير بالحوز عن سيدي أحمد الرسموكي، وتوفي في حدود 1346هـ2.
ب‌- مدرسة سيدي عيسى أبي خابية:
تقع هذه المدرسة على ضفة وادي تانسيفت في مكان يسمى بالولجة، وتوجد في معقل رجراجي عريق هناك، هو زاوية سيدي عيسى أبي خابية، اشتهرت في مطلع القرن الرابع عشر الهجري بشيخها الوقور المقرئ الورع السيد عبد الله بن عبد الحفيظ بن ناعوم التالمستي الرجراجي المتوفى سنة 1335هـ3.
وهذا الرجل ممن أحيا الله به سبحانه علم القراءات القرآنية ببلاد الشياظمة، فجل من عرف هذا الفن من أبناء المنطقة على عهده كانت له عليه منة الأخذ والتلمذة، وقد كان أخذه لعلم القراءات عن سيدي الزوين الحوزي تلميذ السيد عبد الله السكياطي4، وبذلك نلاحظ كيف عمت بركة علم القراءات الذي أتى به السكياطي من فاس عن شيخ الإقراء وخاتمة المحققين في توجيه أحكـام القراءات بالمغرب السيـد محمد بـن عبـد السلام الفاسـي (ت. 1214هـ).
وقد تجاوز طلبة مدرسة أبي خابية على عهد السيد عبد الله بن عبد الحفيظ، الثلاثمائة طالبٍ عَدًّا، وكانت موئلا للطلبة يقصدونها من كل مكان من المغرب حتى اشتهرت شهرة كبيرة، فلهجت الألسن وأثنت على همة القائمين عليها5، كما كان القائد السيد عبد المالك
ــــــــــــــــــــــــــ
1 السيف المسلول ص: 5.
2 المرجع نفسه ص: 258.
3 السيف المسلول ص: 276.
4 فهرس الفهارس 2: 848/ الدراسات القرآنية بالمغرب في ق 14هـ ص: 120.
5 السيف المسلول ص: 352.
المتوكي ممن لهم شغف بتلك المدرسة، ويعينها بأموال طائلة، وكذلك القائد أحمد بن الطاهر الحاحي، والقائدان ولدا خبان الحسن والعربي1.
وقد كانت عادة شيخها السيد عبد الله أن يذهب في كل سنة لزاوية سيدي الزوين، ومعه عدد من أصحابه والطلبة، ويحمل معه أوقارا مما هو ببلاد الشياظمة كالزبيب والتين المجفف2، تعبيرا عن ولائه العلمي لمدرسة شيخه سيدي الزوين.
ومن أشهر وألمع تلاميذ الشيخ عبد الله بن عبد الحفيظ الذين أخذوا عنه قراءة السبع3 العلامة المقرئ السيد محمد بن أحمد بن العربي الصحراوي البوعيطاوي نزيل المدرسة الجديرية بتكاط، والسيد المحجوب بن المهدي الحيول التالاوي الجغلولي الذي أقرأ أبناء شيخه مثل السيد عبد الرحمن بن عبد الله بن الحفيظ… والسيد الحسين بن علال البرق التالاوي أيضا الذي أخذ عنه العديد من الطلبة قراءة السبع، وتخرج عليه العديد في قراءتي ابن كثير المكي وأبي عمرو البصري…
وظلت هذه المدرسة بمثابة معدن للقراء والحفظة لكتاب الله إلى عهد قريب، ومازال من أهل تلك الزاوية من الشباب من يحفظ السبع إلى اليوم… أما حفظة القرآن برواية ورش فهم يفوقون العد والحصر…
ت‌- المدرسة الجديرية:
تقع هذه المدرسة بدوار "الجديرات" بتكاط بالشياظمة الجنوبية قبالة جبل الحديد من الجهة الشرقية، وهي من المدارس التي تعطلت عن أداء مهمتها العلمية منذ ما يزيد عن ستين سنة تقريبا، حيث خفت نورها وإشعاعها العلمي بموت عميدها العلامة النفاعة السيـد البشير بن

ــــــــــــــــ
1 المرجع نفسه والصحيفة.
2 المرجع نفسه ص: 276.
3 حسب رواية شفوية عن الشيخ المسن عبد القادر ابن الفقيه القرمودي الذي عاصر أولئك التلاميذ وعرفهم في لقاء معه في بيته يوم 2 ذي الحجة 1408هـ بأقرمود.
قدور المعروف بابن جدير المتوفى سنة 1347هـ1، وقد بلغني مؤخرا أن هناك محاولة بعثها وإحيائها، ويا ليت الناس تفطنوا لمثل هذه المراكز العلمية التي أدت دورا حضاريا وإشعاعيا لفترة لا يستهان بها، وأعادوا إليها الأمل من جديد لتستأنف العطاء، وتنقذ الأجيال من براثن الجهل والأمية التي تخيم على جهات نائية من البوادي والقرى.
والمدرسة الجديرية تعد من المدارس التي ترجع في سندها وولائها العلمي إلى التمكيدشتيين السوسيين لأن فقيهها المذكور قد تخرج من المدرسة البوعنفيرية ولا يخفى ارتباط البوعنفيرية بالتمكيدشتيين2.
وقد كانت المدرسة الجديرية طافحة بطلبة العلم والإقراء على عهد السيد البشير بن قدور وتلميذه المقرئ العشري السيد محمد بن أحمد بن العربي الصحراوي الآنف الذكر، وقد ذكر لي السيد عبد القادر ابن الفقيه القرمودي أن عدد الطلبة يوم زارها عام 1345هـ، كان يناهز الستين طالبا ما بين المشتغلين بالعلم والقراءات.
وفي وثيقة خاصة بخط العدل السيد سعيد بن البشير بن قدور ابن جدير متعلقة بترجمة والده وأهم تلاميذه3، ينص على أن عدد الطلبة عند والده كان يزيد على خمسين طالبا، بعضهم يحفظ السبع ويضيفون لها العلوم التي لدى الفقيه.
ومن أشهر المتخرجين منها – حسب الوثيقة المشار إليها-:
• الفقيه المقرئ الحافظ للعشرين السيد محمد بن أحمد التكني الصحراوي المتلقي للقراءات السبع عن السيد عبد الله بن عبد الحفيظ، والثلاثة المكملة للعشر أخـذها في مراكش،


ـــــــــــــــــــ
1 أخذت تاريخ وفاته من وثيقة خاصة تتضمن مرثية شعرية لأحد تلاميذه.
2 المختار السوسي: مدارس سوس العتيقة/ ط1. 1407- 1987 طنجة ص: 53-54.
3 وقفت على هذه الوثيقة في صيف 1408هـ، 1988م ببيت شيخي السيد محمد الحسن بن أعراب فقيه مدرسة مولى تدلي بتكاط بالشياظمة الجنوبية، وقد ذكر فيها 33 تلميذا ممن أخذ عن والده.
وهذا النابغة جاء لأخذ العلم عن ابن جدير، واشتغل إلى جانبه تطوعا في تدريس القراءات القرآنية لمن يرغب فيها من الطلبة، وبذلك تكامل معين المدرسة وجمعت بين الحسنيين.
• الفقيه المقرئ السبعي سعيد بن أحمد بن الكعيدة القرمودي الرجراجي فقيه مدرسة زاوية أقرمود، أخذ القراءات عن الصحراوي المذكور، وأخذ الفقه واللغة عن ابن جدير الذي هو شيخه وزوج أخته.
• الفقيه المقرئ السيد محمد بن إبراهيم بن الطيبي (زروال) القرمودي الرجراجي توفي في حدود 1387هـ.
• الفقيه الحاج علي التوبالي، قاضي التوثيق بالصويرة لمدة طويلة.
• الفقيه السيد المدني الرحماني المراكشي، جاء إلى المدرسة الجديرية بعد أن حصل من العلم ما حصل، وكان مشهورا بتقصيد القصائد الشعرية، وقد رثى شيخه الفقيه ابن جدير بمرثية في خمسة عشر بيتا، يصعب العثور عليها في بيئة لا تعير للجمع والتوثيق ما يستحق من الاهتمام، وقد ساقتها إلي الأقدار بخطه – رحمه الله- ومما جاء في هذه الوثيقة بالحرف:
" الحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد وآله".
يـا ربنا يـا ربنا يـا ربنا ارحـم بمحض فضلك أستاذنا
اسمـه عند قومه قـد اشتهـر بالسيـد البشيـر ما به ضـرر
أوصافـه محمـودة مشهورة فمـا علمـت تفصـيلا وجمله
يحسـن للفقـير والمسكيـن عامـلا بالسنــة والمبيــن
علمـنا العلـم الـذي علمته ولم يضيـع كـل مـا أمرتـه
فجـازه بالخيـر يـا كريم ودخـول الجنـة يـا رحيـم
وعجـل اللهــم بالخليفـة مـن نسلـه محلـى بالشريعـة
واجعل في جنة الفردوس حزبنا وكن لنا دنـيا وأخـرى ربـنا
بجـاه مولانـا النـبي محمـد وآلـه وصحبـه والمقــتدي
صـار إلى قبـره في المحـرم والباقـي منـه خمسـة أيـام
وذاك في ليلة جمعـة وعـام زاي وميـم عـد الزمان والأيام
من بعـد ألـف وثلاثمائـة فاغفـر لـنا ولجميـع الأمـة
يا حسرتي يا حسرتي يا حسرتي اهـلك أعـداءنا وفـرج كربتي
ناظـم الأبيات اسمـه المدني فاغفـر له بحرمـة العدنانـي
صـل عليه وآلـه الشـرفا وصحبـه ومـن بهم قد اقتفى

وهذا الفقيه يعتبر من أنجب طلبة المدرسة الجديرية، ذلك أن السيد ابن حمو الحاحي كان صاحب مدرسة وعالما كبيرا، ولما كبرت سنه طلب من الفقيه ابن جدير بأن يمده بأحد أنجب طلبته لينوب عنه في التدريس، فاختار له ابن المدني المذكور، ولما حضر عنده اجتمع عليه أهل العلم هناك يختبرونه ويتعرفون عن علمه، فتفوق عليهم، فكان ذلك باعثا على احترامه، ونعتوه بسيبويه لعلمه وتمكنه في النحو والفقه وغيرهما..
• الفقيه المقرئ السيد البشير ابن الحيول دفين آسفي، من تلاميذ الفقيه ابن جدير أيضا، وقفت على منظومة القيسي في القراءات بخطه كتب في نهايتها اسمه ونسبه وهو كالآتي: "البشير بن المهدي التلاوي الشيظمي الأصل، جوائر البحر المحيط، الجغلولي، الربعي… بتاريخ عام 1335هـ".

ج- مدرسة زاوية أقرمود:
تقع هذه المدرسة بالمسجد الجامع لسوق أقرمود الذي يبعد عن الصويرة بحوالي ستين كيلو مترا جهة الشمال على الساحل..

أما زاوية أقرمود فتسمى أيضا زاوية سيدي أبي بكر الشماسي الملقب بعروس رجراجة1، وذلك لأن الطائفة الرجراجية تخرج من هناك مؤذنة بانطلاق مواسم الدور التي يقومون بها في فصل الربيع من كل سنة.
وهذه الزاوية كغيرها من الرباطات الرجراجية، تعدد فيها العلماء والصلحاء والأساتذة أصحاب القراءات السبع، إذ كانت الرباطات الرجراجية بوجه عام "معقل العلم والدين وموردا معينا لأهل العلم، فكم تخرج من رباطاتهم من الأئمة العظام الذين طابت بأعمالهم الأيام، ولا تزال فيها البركة، وإن لحقها من الفتور ما لحق الأمة الإسلامية، والله سبحانه وتعالى الموفق"2.
ويتميز أهل زاوية أقرمود بالذكاء والنجابة، وإكرام الضيف مع قلة ذات اليد، وفي ذلك يقول صاحب السيف المسلول: "ويتفنن أهل هذه الزاوية في إكراماتهم وإنعاماتهم، ومن عوائدهم أن فرقة منهم يقال لهم أولاد الاشخم تحضر من الشعرية ما يكفي ثلاثين شخصا" 3، وهو يشير إلى الإطعام بمناسبة موسم الدور..
وتشتهر هذه الزاوية فيما مضى من عهودها بالاهتمام بكتاب الله وبالعلم الشريف، ويتخذ أهلها لأنفسهم عالما كبيرا يشارطونه ويستفتونه في أمورهم الدينية والدنيوية ويبث العلم في صفوف أبنائهم فضلا عن معلم القرآن… وقد تمر عليهم فترات بدون مشارطة الفقيه، لكنهم لا يرتاحون ولا يهدأ لهم بال حتى يستحضرون الفقيه بين ظهرانهم.
ففي القرن الرابع عشر الهجري مر من هذه الزاوية ثلاثة علماء كبار – حسب ما أعلم- منهم:


ـــــــــــــــــــــ
1 السيف المسلول.. ص: 96.
2 آسفي وما إليه.. ص: 27.
3 السيف المسلول.. ص: 33.
السيد البشير بن قدور ابن جدير السابق الذكر، فهو قد كان مشارطا بزاوية أقرمود أولا، وتزوج من هناك من أسرة آل الكعيدة، وعلى يديه تخرج عالم هذه المدرسة الفذ في عصره وفي بلده السيد سعيد بن أحمد بن الكعيدة، صهر المتقدم، تلقى القرآن الكريم بزاوية أقرمود على يد الشيخ البركة السيد محمد (فتحا) العطار الوزكيتي1، ثم انتقل إلى المدرسة الجديرية فأخذ القراءات أولا عن السيد محمد بن أحمد التكني الصحراوي، وأتقن السبع على يديه، ثم تفرغ لأخذ العلم على يدي شيخه وصهره السيد البشير بن قدور إلى أن ملأ وطابه وحان قطاف ثمرة علمه بالعودة إلى مسقط رأسه للمشارطة بالزاوية القرمودية، فأقدمت نخبة من أعيان الزاوية المذكورة على الفقيه ابن جدير من أجل هذا الغرض فلبى طلبهم، وعقد لتلميذه السيد سعيد بن الكعيدة حفل التوديع الذي يقام للطلبة المتخرجين.
وذلك بأن يجمع عميد المدرسة علماء وطلبة القلبية وأعيانهم، ويكرمهم من ماله الخاص أو مما أتى به الوافدون لطلب الفقيه المتخرج، ثم بعد الإكرام، يلقي عميد المدرسة درسا توجيهيا على الحضور، ويختمه بالدعاء ثم يخرج الطلبة مع زميلهم إلى ظاهر المدرسة مودعينه مرددين الصلاة على النبي، ثم يعودون بعد توديعه إلى المدرسة، وكلهم يغبطه ويتمنى أن يحظى بما حظي به زميلهم المتخرج.
وهكذا شارط السيد سعيد بن أحمد بالزاوية القرمودية وبقي بها حتى توفي يوم 4 ذي الحجة 1377هـ- 1957م، وتخرج على يديه بها مجموعة من طلبة القراءات القرآنية فكانـوا
ــــــــــــــــــ
1 وعلى ابن هذا الشيخ تلقيت خمسا وعشرين حزبا من القرآن قراءة تحقيق في مدرسة سيدي عيسى بالنعيرات عام 1969م وهو السيد الحاج محمد الصغير بن السيد محمد (فتحا) العطار الوزكيتي أصلا القرمودي منشأ النَّعِيْري قرارا إقبارًا، ثم توفي – رحمة الله عليـه- يوم الثـلاثاء 09 شوال 1422هـ الموافق ل 25 دجنبر 2001م، عن سن عالية وصحة وعافية، يذكرنا شأنه بشأن السلف الصالح من القراء الولوعين بالحفظ والتلاوة والتعبد والإكثار من المحافظة على الصلوات في أوقاتها مع الجماعة والإكثار من النوافل وختم القرآن، فالله عز وجل يتولى جزاءه عن الأجيال والطبقات التي خرّجها من حفاظ كتاب الله عز وجل، ومنهم أخونا الأعز الدكتور عبد الرزاق بن الحسن بن محمد (فتحا) العطار الوزكيتي رئيس المجلس العلمي بآسفي – حفظه الله-.
آخر فوج أعطته هذه المدرسة في القرن الرابع عشر الهجري وهم:
• المقرئ السبعي السيد عثمان بن خية التوبالي القرمودي، كان قد بدأ أخذ القراءات عنه بالمدرسة الجديرية وأتم عليه بمدرسة أقرمود وكان ممن يقرأ مع شيخه الحزب الراتب بالقراءات السبع، مستعملين الإرداف، توفي هذا المقرئ عازبا بعد أن أتقن السبع1.
• السيد حسن بن البشير بن قدور ابن جدير، أخذ عن خاله الفقيه السيد سعيد بن أحمد القراءات السبع بزاوية أقرمود وكان قد شرع فيها بمدرستهم بالجديرات، وهذا الآخذ، كان إماما للصلوات الخمس بزاوية رجراجة بالصويرة، وتزوج ابنة الفقيه السيد اليزيد التوريري، وهي أسرة أخرى علمية ذات فضل وكرم.
• السيد سعيد القرمودي، أخذ عنه القراءات السبع وحفظها على يديه، وكان يشارط بسمجد سيدي صالح الرجراجي، جهة البحر من الزاوية.
• السيد عمر التوريري المعروف ب (بورويس)، قرأ السبع على الفقيه السيد سعيد المذكور قراءة تحقيق وتبرك، وكان قد ألم بها على يد السيد الحسين بن علال البرق بمسجد تالَّه.
• السيد عبد القادر بن أحمد المعروف بابن الفقيه، قرأ على الفقيه السيد سعيد، رواية قالون وحرف المكي وحرف البصري، وشرع في حرف حمزة أي السبع ولم يتمه، وتزوج بإحدى كريمات شيخه، وهو الذي أفادني كثيرا من المعلومات جزاه الله خيرا وشكر له ورحمه..
هذا عن تلاميذ الفقيه المقرئ السيد سعيد بن أحمد ابن الكعيدة الذين أخذوا عنه بمدرسة
أقرمود أو أتموا عنه بها، أما عن خزانة هذا الفقيه فما من شك أنها كانت خزانة طافحة بالكتب والمخطوطات ذلك أنه استفاد كثيرا مما تركه له شيخه في القراءات السيد محمد ابن أحمد التكني الصحراوي لما غادر المدرسة الجديرية وتوجه إلى السراغنة حيث توفي هناك.. وقد احتوت ــــــــــــــــــــــ
1 أفادني معظم هذه المعلومات السيد عبد القادر ابن الفقيه القرمودي.
خزانته على العديد من مطبوعات كتب الشيخ ماء العينين، وما لا يحصى من لوازم فن القراءات السبع من مؤلفات وشروح ومنظومات ورمزيات وغيرها، وقد وزع ورثه الفقيه خزانته وأصاب التلاشي ما أصاب منها، ومما وجدته من بقاياها في فن القراءات على الخصوص ما يأتي:
1- منظومة الشاطبي في القراءات السبع المعروفة بحرز الأماني منسوخة بخط السيد سعيد ابن الكعيدة نفسه.
2- منظومة ابن يوسف في المحمول تتعلق برسم القرآن.
3- منظومة لأحمد التواتي في الأشباه والنظائر في القرآن، اسمها "هدية المبتدئ"، بخط السيد محمد بن أحمد التكني.
4- منظومة القيسي بخط السيد البشير ابن الحيول تتعلق بأحكام الوقف.
5- منظومة الخراز في الرسـم، مبتورة المطلـع نسخها الفقيه السيد سعيـد بن أحمد بتاريخ 1322هـ.
6- منظوم في قراءة المكي (ابن كثير) غير منسوبة.
7- المنظومة الدالية في تخفيف حمزة وهشام للهمز لمحمـد بن أحمـد ابن مبارك المغراوي المتوفي 1092هـ.
8- منظومة "الهدية المرضية لطالب القراءة المكية" لمحمد بن محمد بن عبد الله الرحماني نزيل مراكش من علماء القرن الحادي عشر الهجري المعروفة بالرحمانية.
9- مختصر في القراءات الثلاثة المتممة للعشر للشيخ متولي سماه: "الوجوه المسفرة في إتمام القراءات العشرة".
10- طيبة النشر في القراءات العشر لابن الجزري.
11- تقييد في المنونات في القرآن لمحمد بن إبراهيم البعقيلي الولتيتي المعروف بأعجلي.
12- تقييد في ضبط أواخر الكلمات الموقوفة لأعجلي أيضا سماه: "الهداية لمن أراد الكفاية".
كان هذا أهم ما وقفت عليه من بقايا خزانة الفقيه السيد سعيد بن أحمد الكعيدة القرمودي الرجراجي1، وهو كاف لأخذ صورة مصغرة عن ما احتوته خزانته الخاصة التي طعمها بيده وبما استفاده من خزانة شيخه الصحراوي وما اقتناه أو أهدي إليه، ولكن جهود هذه الفئة المخلصة في سبيل الله تعالى وفي خدمة العلم الإسلامي، تكاد تقبر، خاصة إذ اصطدمت بجدران الجهل وما أكثرها…
وهكذا طويت صفحة علمية لا بأس بها من تاريخ زاوية أقرمود بموت عالمها ومقرئها السيد سعيد بن أحمد يوم 4 ذي الحجة 1377هـ، وهي متعطشة للعلم منذ ذلك الحين، وإن كان قد تولاها بعده ابن خالته ورفيقه في الطلب السيد محمد بن إبراهيم بن الطيبي القرمودي الرجراجي المعروف ب "السيد زروال" فهو لم يمكث فيها طويلا، ولم تستأنف الدراسة على يديه، نظرا لكبره من جهة ولضعف الإقبال، وفتور الهمم من جهة أخرى...
ولنتعرف على هذا المقرئ العشري المعروف بالسيد زروال، وهو ممن تربط كاتبه به علاقة نسب، فهو خال جدي للأم، وللإفادة فهو أيضا خال والدة شيخ زاوية أقرمود الموثق المعروف بالحاج عبد الكريم أو بالشيخ عبد الكريم بن المحجوب (ت. 1974م)، وهذا الرجل هو الذي أسس صلاة الجمعة بزاوية أقرمود وخطب سنين عديدة وهو في السلطة إلى أن أقعده المرض، وكان قريب الشبه في الصورة بالفقيه السيد زروال ويتحقق بذلك من يعرفهما، وللإفادة أيضا فهو يرتبط مع الحافظ المقرئ السيد سعيد الكعيدة بعلاقة نسب إذ أن أحدهما ابن خالة الآخر .
ولا يخفى أن الفقيه السيد زروال يعتبر فريدا من نوعه في همته، وحفظه للقراءات السبع والعشر، وقد أدركته، وتحققت من ملامحه في جلسات طوال بمناسبة حفل الطلبة السنوي المعروف بأدوال سواء في زاوية أقرمود أو بعد ارتحال الطلبة إلى مدينة الصويرة ليتوجوا ـــــــــــــــــــــ
1 وذلك في زيارة خاصة لبيت هذه الأسرة بضواحي زاوية أقرمود في صيف 1988م.
احتفالاتهم بالمكوث بالصويرة أسبوعا كاملا في إحدى الزوايا، وكان آخر عهدي بذلك حضوره معهم في زاوية سيدي عبد الله أوعمر في حدود سنة 1965م.
فهو رجل حيي وقور قليل الكلام، لا يتدخل فيما لا يعنيه، عليه سمات الصلاح والعلـم لا يلبس من الثياب إلا البيض في جميع الظروف الأحوال، مع الحرص على ارتداء البرنس والعمامة، كما يحرص على قضاء حوائجه في السوق رفقة أحد أبنائه كعادة عموم الناس، وفي آخر حياته اكتفى بالمشارطة في مسجد الحي القريب من مسكنه، وبقي على ذلك الحال يجيب دعوة من دعاه، ويعلم القراءات لمن قصده من أجلها في المسجد المذكور إلى أن توفاه الله بعد مرض يسير ألم به، وحضرت جنازته – رحمه الله- التي كانت جنازة مشهودة، ازداد فيها عدد المشيعين وكثر تحسر الناس على فقدانه، ومما رأيتهم يدعوننا إليه ونحن صغارا أن نلقي معهم بعض الطين والماء على قبره ليكون ذلك فألا حسنا لنا على استخلافه، ولله في خلقه شؤون.

دراسته وتدريسه:
أخذ القرآن بمسقط رأسه بدوار العركوب بأقرمود عن عمه السيد عبد القادر بن الطيبي الذي كان يحفظ قراءة أبي عمرو بن العلاء البصري، ثم أخذ حرف المكي بمدرسة سيدي محمد بن عبد الله بالحرارثه قرب الصويرة، وقرأ حرف حمزة عند القائد النجومي قبلة تلمست على يد السيد الحاج علي السوسي، وانتقل إلى مدرسة البوسونية في بلاد أحمر بعبدة، ثم إلى مدرسة الفقيه النفاعة سيدي البشير بن قدور المعروف بابن جدير حيث التقى هناك بالحافظ محمد بن أحمد التكني الصحراوي فأخذ عنه العشر الكبير.
والفقيه السيد زروال برز تمكنه في مجال القراءات وأحكام القراء مع فصاحة جيدة وصوت رفيع ومؤثر، وجودة الخط وإتقان استنساخ الكتب شارط بمنطقة مسكالة عند الشيخ الحجالي، كما شارط بالحنشان عند السيد الكنتري، وأقرأ نجله السيد أحمد الراجي الكنتري السبع وتلميذه هذا هو شيخ مدرسة علي بن معاشو بأحد الدرى بالشياظمة حاليا يحفظ السبع ويزاول الإمامة وخطبة الجمعة بأحد مساجد الصويرة.. وتخرج على يديه هو أيضا العديد من الطلبة السبعين وأمد الله بسببه إشعاع مدرسة سيدي علي معاشو، ومما يجدر قوله عن جهوده بهذه المدرسة أنه كان من القراء القلائل الذين طبقوا مذكرة وزارة الأوقاف في الستينات بشأن إفراد القراءات والاستغناء عن عملية الجمع والإرداف لما فيها من صعوبة وتداخل يعسر معه على غير المختص أن يستفيد من المقروء وهو نداء وجيه كان قد وجه إلى القراء المغاربة للأخذ به اقتداء بإخوانهم المشارقة في شأن القراءة بالإفراد بدل الجمع والإرداف، ولكن سرعان ما عادت الأمور إلى ما كانت عليه… وليس في ذلك كبير غناء ولا عميم فائدة كما هو معروف..
ويبقى أن أذكر مدارس أخرى من المدارس الشيظمية مثل مدرسة سيدي عبد الله مولى تدلي بتكاط أسسها الفقيه السيد محمد ابن الهاشمي بن مبارك الشباني الفلوسي الشيظمي المعروف بابن أعراب، تلقى العلم في مدرسة بوعنفير وتزوج من الأسرة العلمية الرسموكية المشتغلة بتدريس العلوم، واشتهرت المدرسة باسمه يطلق عليها الآن مدرسة الفقيه ابن أعراب وقد عمرها بعده بسنوات نجله السيد محمد الحسن، ولهذه المدرسة مِنَّةٌ علمية علي، فقد تلقيت فيها على الفقيه السيد محمد الحسن بن أعراب مجموعة من الفنون التي يتلقاها طلبة هذه المدارس، فأخذت عنه الآجرومية بختمتين، وجمل المجرادي، ومنظومة الزواوي في قواعد الإعراب ومعاني الحروف، وجزءا من لامية الأفعال لابن مالك في الصرف ونظم ابن عاشر في الفقه المالكي وجزءا من نظم فرائض الجواهر الرسموكية، وحضرت دروسا من الرسالة وأخرى من المختصر الخليلي كما كان – رحمه الله- يحفظنا نظم البردة والهمزية ويشرحهما لنا في مناسبة المولد، ويعطينا دروسا في الحديث والتفسير أيام الجمعة والعطل المرتبطة بالمناسبات الدينية.
وقد تلقى شيخ هذه المدرسة السيد محمد الحسن، العلم عند أخواله ببوعنفير، وأدى رسالته في هذه المدرسة التي تعد من إرث والده التليد، وأقبل عليها طلبة العلم وحفظة القرآن الكريم في عهد هذا الفقيه الشاب المتطلع الذي اختطفه يد المنون تحت طائلة المرض وذلك يوم 10 ذي الحجة عام 1411هـ الموافق 25 يونيو 1991 بمستشفى سيدي محمد بن عبد الله بالصويرة ولم يُخلف عقبا – رحمة الله عليه- وقد آلت خزانته إلى أخيه لأبيه وهو رجـل أمي ولا يعرف اليوم مصير المكتبة..، والمدرسة اليوم في حاجة إلى مزيد من العناية والبعث والإحياء من أجل مواصلة دورها العلمي، خاصة وأنه قد استفاد منها العديد من طلبة العلم يتحملون مسؤوليات علمية وتربوية هامة.
وهناك مدارس أخرى تختص بتحفيظ القرآن الكريم برواية ورش عن نافع مثل مدرسة الغيسي، وزاوية سيدي عيسى بالنعيرات، و مدرسة "الخراريب" بالنعيرات أيضا اشتهرت بشيخها السيد عبد المجيد، وهو رجل أفنى حياته في تحفيظ القرآن وإتقان رسمه وقد توفي عن سن عالية في حدود 2003م.
وهناك مدرسة سيدي محمد (فتحا) الرتناني بقبيلة المخاليف قبلة تالمست وفيها الحافظ لكتاب الله السيد محمد ابن العروسي زرتها في صيف 1968م، وأنا يافع ألتمس تحقيق الحفظ والرسم ولم أحظ بالتلمذة لصغر سني عن سن طلبتها آنذاك، وكانت طافحة بالطلبة الكبار المنقطعين لحفظ القرآن برواية ورش وإتقان رسمه، وكانت سلطة الأستاذ وهيبته تنبعث من رحاب المدرسة ومن الجو العام بها..
وأخيرا انبعثت مدرسة زاوية حمو بن حميدة وأعيد إحياء العلم بها، وقد انتعشت بفضل تكاثف الجهود وإعانات بعض المحسنين مثل السيد ميلود الشعبي وكذلك ما تقدمه وزارة الأوقاف من منح للطلبة، وتتوفر على أستاذين متفرغين لتدريس الطلبة يبذلان كل ما في وسعهما من الجهد ليكونا في مستوى الطموحات المعلقة على هذه المدرسة، كما أن أبناء الزاوية تجددت غيرتهم وصاروا يظهرون كامل الاستعداد للرفع من عطاءات مدرستهم.. والله عز وجل من وراء المقاصد والأهداف وهو المسؤول عن إنجاح المساعي.
وهناك مدرسة إموزوغار قرب عين الحجر، وتعد من المدارس التي انقرضت فقد اشتهرت في أوائل القرن الرابع عشر الهجري بشيخها المعروف ب (شمسة)1، كما اشتهرت هذه الجهة بأسرة تعاطت للعلم والتوثيق وهي أسرة (ابن شهيبة).

ـــــــــــــــــــــ
1 الدراسات القرآنية بالمغرب في ق 14 هـ ص: 122.
وممن تلقى القراءات السبع بمدرسة إموزوغار عن الشيخ السبعي السيد (شمسة) الفقيه السيد عبد الرحمن بن أحمد المعروف بابن العركان الكريمي (ت. 1406هـ- 1986م)، كان ماهرا في القراءات السبع لكنه لم يقرئها أحدا في حين أنه أقرأ رواية ورش للعديد، وكذلك أخذ عنه العديد من الطلبة علوم اللغة العربية والفقه، وكان واسع الحفظ للأدبيات تقلى العلم بمدرسة تعزات على الفقيه السيد العربي وتزوج ابنته1، وقد رأيته أول مرة لما زار مدرسة سيدي عيسى بالنعيرات 1969م، وهو في أوج صحته رجل ربعة يميل إلى القصر ناهز الستين آنذاك، عليه علامة الشجاعة والجرأة في الكلام.
وفي الحامول بالكريمات مازلت أسمع عن طريق العلامة البحاثة السيد عبد الهادي حميتو أن هناك شيخا منقطعا للإقراء هو السيد محمد بن إبراهيم الزغاري السباعي الأصل الحافظ لقراءة البصري، يواصل رسالته في الإقراء إلى الآن، مع تفرغ للمشارطة منذ سنة 1368هـ، شكر الله له وأثابه.
3- الواقع والآفاق:
لا يخفى على أحد أن هذه المدارس تمثل تعليمنا الأصيل
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
المدارس العتيقة في الصويرة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» المدارس العتيقة بالمغرب
» مدرسة تراست العتيقة
» أنشطة المدرسة العتيقة بتراست
» تعريف بالمدرسة العتيقة تراست
» بطاقة تقنية للمدرسة العتيقة بتراست

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى مدرسة المسجد الكبير العلمية العتيقة بتراست  :: الفن والثقافة :: مواضيع عامة-
انتقل الى: