منتدى مدرسة المسجد الكبير العلمية العتيقة بتراست
قراءة مؤلف نقدية لظاهرة الشعر الحديث 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة / انت غير مسجل في هذا المنتدى يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا قراءة مؤلف نقدية لظاهرة الشعر الحديث 829894
ادارة منتديات مسجد الكبير لتراست قراءة مؤلف نقدية لظاهرة الشعر الحديث 103798
منتدى مدرسة المسجد الكبير العلمية العتيقة بتراست
قراءة مؤلف نقدية لظاهرة الشعر الحديث 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة / انت غير مسجل في هذا المنتدى يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا قراءة مؤلف نقدية لظاهرة الشعر الحديث 829894
ادارة منتديات مسجد الكبير لتراست قراءة مؤلف نقدية لظاهرة الشعر الحديث 103798
منتدى مدرسة المسجد الكبير العلمية العتيقة بتراست
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى مدرسة المسجد الكبير العلمية العتيقة بتراست

التواصل مع المدرسة : madrasttarrasst@gmail.com
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 قراءة مؤلف نقدية لظاهرة الشعر الحديث

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin
Admin
Admin


عدد المساهمات : 583
نقاط : 11667
تاريخ التسجيل : 24/04/2010
العمر : 45

قراءة مؤلف نقدية لظاهرة الشعر الحديث Empty
مُساهمةموضوع: قراءة مؤلف نقدية لظاهرة الشعر الحديث   قراءة مؤلف نقدية لظاهرة الشعر الحديث I_icon_minitimeالأحد 11 مارس - 14:32

تقديــــــــــــــــــــم
إن قراءة مؤلف نقدية في حجم مؤلف" ظاهرة الشعر الحديث" قراءة تحليلية جادة، تشترط فضلا عن قراءة المؤلف قراءة متأنية حيزا زمنيا واسعا وهو الشرط الذي ينعدم أو يكاد ، فإذا ما أجملنا الحصص المخصصة لقراءة هذا المؤلف من مجموع حصص اللغة العربية، وإذا ما نحن استثنينا منها أيام العطل والإضرابات وجدنا أنفسنا حيارى في الطريقة والكيفية التي بإمكاننا كأساتذة أن ندرس بها هذا المؤلف، وتزداد الحيرة وتتعقد المأمورية حينما تفاجئنا شريحة كبرى من التلاميذ بعدم قراءته أو قراءة جزء منه فقط ولربما أحيانا الاكتفاء فقط بالتلاخيص وما تجود به شبكة الأنترنت.
ولما كان الأمر على هذا المنوال وجدت نفسي مكرها لا بطلا على تبسيط هذا المؤلف في هذه القراءة السطحية العابرة والتي ستركز بالأساس على ما يتضمنه المؤلف من أفكار نقدية تكون أرضية للمناقشة داخل الفصل بحول الله،وهي قراءة سطحية سنجمع فيها إنشاء الله كل ما اختمر من أفكار حول هذا المؤلف انطلاقا من قراءة شخصية أغناها التواصل المفتوح مع الأساتذة جزاهم الله خيرا و ما جاد به التلاميذ من آراء وأفكار طيلة سنة بأكملها.
وقبل البدء اعلم عزيزي(تي) التلميذ(ة) أن هذه القراءة المتواضعة لا يمكن أن تفيدك ولن تفيدك في شيء إذا ما أنت تجاهلت هذا المؤلف وعزفت عن قراءته، فهذه القراءة لن تغنيك عن المؤلف بل ستبسطه لك وتمهد لك الطريق لفهمه وتغنيك عن كتابة الملخص داخل الفصل حتى تكون عملية تدريسنا له سريعة من جهة و نستطيع توفير حيز زمني للمناقشة معكم من جهة أخرى.
- القراءة التوجيهية i
1- التعريف بالناقد
ولد أحمد المعداوي سنة 1936م بالدار البيضاء، وتلقى دراسته الابتدائية والثانوية بين الدار البيضاء والرباط،. وحصل على الإجازة في الأدب العربي من جامعة دمشق، كما نال دبلوم الدراسات العليا من جامعة محمد الخامس بالرباط سنة 1971م تحت إشراف الدكتور أمجد الطرابلسي، وكان موضوع الرسالة هو: “حركة الشعر الحديث بين النكبة والنكسة (1947-1967م)”، كما حضّر دكتوراه الدولة حول أزمة الحداثة في الشعر العربي الحديث، ونوقشت الأطروحة كذلك بكلية الآداب بجامعة محمد الخامس بالرباط.وقد مارس أحمد المعداوي الملقب بأحمد المجاطي كتابة الشعر والنقد، كما امتهن التدريس بجامعة محمد بن عبد الله بفاس منذ 1964م ، وبعد ذلك انتقل للتدريس بكلية الآداب بجامعة محمد الخامس بالرباط،، وكان من المؤسسين الأوائل لحركة الحداثة في الشعر بالمغرب، وقد فاز بجائزة ابن زيدون للشعر التي يمنحها المعهد الإسباني/ العربي للثقافة بمدريد لأحسن ديوان بالعربية والإسبانية لعام 1985م على ديوانه الشعري “الفروسية” 3. كما فاز بجائزة المغرب الكبرى للشعر سنة 1987م، وانتخب رئيسا لشعبة اللغة العربية بكلية الآداب بالرباط منذ 1991م، وكان عضوا بارزا في تحرير مجلة” أقلام” المغربية التي كان يترأسها كل من عبد الرحمن بن عمرو وأحمد السطاتي ومحمد إبراهيم بوعلو، ومثل المغرب في مهرجانات عربية عدة. و توفي أحمد المجاطي سنة 1995م بعد سنوات زاهرة بالعطاء التربوي والبيداغوجي ،ومزدانة بالعمل والاجتهاد والإبداع والكتابة والنقد.
2- قراءة في عنوان المؤلف
من النصوص الموازية التي ازداد الاهتمام بها في نظرية التلقي، نص العنوان لما له من قيمة في توجيه التلقي وجهة التلقي السليمة، فيكفي أحيانا أن تقرأ عنوان الكتاب لتحدد جنسه وموضوعه، فعنوان هذا المؤلف على سبيل المثال "ظاهرة الشعر الحديث" يؤشر على أن هذا الكتاب يندرج ضمن المؤلفات النقدية التي تعالج موضوع الشعر الحديث، كظاهرة أدبية بارزة وجديرة بالدراسة والتحليل، ووصف الشعر الحديث هنا بالظاهرة، يكشف عن موقف وبروزه، فعندما نقول فلان ظاهرة رياضية، يعني ذلك أنه موهبة زمانه في المجال الرياضي، هذا من جهة ومن جهة أخرى فالعنوان مضلل لمن اعتاد أن يستعمل مصطلح الشعر كمقابل للشعر الذي ظهر بعد القرن 19، لأن الناقد يقصد به هنا الشعر المعاصر أو شعر الحداثة الذي جاء بعد النكبة التي وافقت سنة 1948.
3- العلاقة بين ظاهرة الشعر الحديث وأزمة الحداثة في سطور
مؤلف ظاهرة الشعر الحديث قبل أن يكون مؤلفا نقديا كان في الأصل بحثا تقدم به صاحبه لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة، وفيه تناول الناقد بالدرس والتحليل حركتين تجديديتين ظهرتا في القرن العشرين وشكلتا جوهر الشعر الحديث، الحركة الأولى هي حركة الإبداع الرومنسي التي يمتلها شعراء الديوان والرابطة القلمية و أبولو، وهي حركة في نظر الناقد انتهت نهاية محزنة على صعيدي المضمون والشكل لأن المضامين غلب عليها البكاء والشكوى والتفجع، والشكل لم يستطع الصمود أمام ضربات النقد المحافظ، أما الحركة الثانية فهي حركة الحداثة التي استطاعت أن تهدم الشكل الشعري القديم وتقيم على أنقاضه صرحا شعريا جديدا، إنه مؤلف وليد انبهار إلى حد الهوس بموجة الحداثة التي اكتسحت الساحة الأدبية في المغرب، وهو انبهار دفع الناقد إلى تمجيد شعر الحداثة شكلا ومضمونا على حساب الشعر الذي جاء به شعراء التيار الذاتي يقول مؤكدا صحة هذا الكلام في مقدمة كتاب أزمة الحداثة "ولكننا معشر النقاد أنصار هذه الحركة والمنبهرين بها إلى حدود التماهي والاستلاب قد اعتبرنا ذلك ذلك النصر نصرا شعريا خالصا إلى درجة أن علاقتنا به ألغت كل علاقة بما عداها من الحركات الشعرية" ص5. أمــا مؤلف أزمة الحداثة في الشعر العربي الحديث الذي يعود أصله
إلى الأطروحة التي تقدم بها المجاطي لنيل هادة الدكتراه، عشرين سنة بعد صدور المؤلف الأول فيمكن القول بأنه قراءة جديدة للشعر المعاصر بعيون جديدة وبذهنية جديدة حالية من الأحكام المسبقة الجاهزة، يقول الناقد " بعد ذلك قررت أن أعود إلى ذلك المثن وما سيكتب بعده من شعر لأقرأه بعيون جديدة، وكان لا بد أن أخلي ذهني من كل القناعات التي ترسبت فيه حول موضوع الحداثة الشعرية لأبدأ من نقطة الصفر" أزمة الحداثة صفحة 6.
إنه كتاب جاء ليجيب على ثلاثة أسئلة وهي على التوالي:
ماذا أضاف الشاعر العربي المعاصر إلى ايقاع القصيدة العربية؟ وهو سؤال نجد الإجابة عنه في قول الناقد" هي بنية إيقاعية تعاني من أزمة ذاتية بسبب ما أثبتناه من أنها لم تأتي بجديد" أزمة الحداثة ص11
ماذا أضاف إلى تركيبها اللغوي؟ بخصوص هذا السؤال يعتقد الناقد المجاطي بأن ثمة فرقا شاسعا بين اللغة كما تقدمه تنظيرات الحداثة وبين اللغة كما يقدمها المثن الشعري، بمعنى أن المثن الشعري لم يستطع أن يفجر الأشكال الشعرية التي وعد الشاعر بتفجيرها، وبقيت اللغة محكومة بما كانت محكومة به من قواعد البلاغة والصرف والتركيب.
ما هي رسالة شعر الحداثة المتميزة إلى جمهوره؟ بخصوص هذا السؤال يؤمن المجاطي بأن الشعر المعاصر يعاني من أزمة رسالة، سواء في تجربة الغربة والضياع، التي يقول عنها" إنها تجربة تفتقر إلى الصدق وإلى الأصالة بحكم عدم صدورها عن وجدان الشاعر بل عن انبهار متسرع بفكر وأدب أجنبيين" ص16، أو حتى في تجربة الموت والحياة، التي فشلت في تحقيق مشروعها المتمثل في إعادة إحساسنا بالموت إلى إحساس بالحياة ، والسبب في اعتقاد الناقد هو توظيف أساطير مستمدة من تراث أجنبي لا علاقة له بالثقافة العربية الإسلامية يقول: " فهل استطاع الشاعر العربي الحديث عن طريق توظيف أسطورة الموت والحياة أن يرتفع بشعره إلى مستوى موت الحضارة العربية وبعثها ؟ والجواب لا، لعدة عوامل أولها أن هذه الأساطير مستمدة من تراث أجنبي لا علاقة له بالثقافة العربية الاسلامية التي شكلت وجداننا وذوقنا..." ص 16
وعموما يمكن القول بأن بين المؤلف الأول والثاني تناقضا كبيرا، لأن المؤلف الأول كشف لعظمة رسالة شعر الحداثة على صعيدي الشكل والمضمون ، بينما المؤلف الثاني جاءصاحب الكتاب من الموضوع، لأن وصف الشيء بالظاهرة اعتراف بعظمته وشموخهليكشف هشاشة هذا الشعر سواء على مستوى الايقاع أو اللغة أؤ الرسالة الشعرية.
-القراءة التحليلية ii
تمهيد:
مؤلف "ظاهرة الشعر الحديث" ، مؤلف نقدي يتناول فيه صاحبه حركتين تجديديتين في الشعر العربي الحديث،الأولى واجهت القصيدة العربية وهي تتمتع بالقوة والتماسك فكان التجديد عندها نسبيا تدريجيا والثانية واجهت القصيدة العربية بعد أن زالت عنها صفة القداسة وفقدت بعضا من تماسكها الداخلي، ولكن بتحيز أكبر إلى الحركة التجديدية الثانية التي تزامنت مع نكبة فلسطين 1948،فالناقد خصص الفصل الأول المعنون ب" التطور الدريجي في الشعر الحديث" لدراسة الحركة التجديدية الأولى والتي تمتلها أشعار كل من جماعة الديوان والرابطة القلمية وجماعة أبولو بينما خصص الفصول التلاثة المتبقية لدراسة أشعار الحركة التجديدية الثانية ، وهو توزيع يظهر من خلاله أن الناقد اعتبر الحركة التجديدية الأولى كمدخل لدراسة الحركة التجديدية الثانية ، ليلفت انتباهنا إلى أن الشعر الجدير بالدراسة هو شعر ما بعد النكبة، الذي أطلق عليه مصطلح الشعر الحديث .والذي كان ظاهرة لم يسبق للشعر ان عرف مثلها.
الفصل الاول: التطور التدريجي في الشعر الحديث:
*الشعر العربي بين التطور والتطور التدريجي:
نبه الناقد في مستهل هذا الفصل إلى أن الشعر العربي عموما لم يتطور إذا ما قورن " بالحقب الطويلة والأحداث الجسيمة التي تعاقبت على الأمة العربية" ص7 وسبب هذا السكون في نظره هو غياب شروط التطور فالتطور " مرهون بتوفر جملة من الشروط يهمنا منها شرطان إثنان أحدهما ان يسبق ذلك التطور باحتكاك فكري مع الثقافات والآداب الأجنبية والآخر أن يتوفر للشعراء قدر مناسب من الحرية يتيح لهم أن يعبروا عن تجاربهم"ص6
ومن هذا المنظور يمكن القول بان غياب الحرية حسب الناقد هو السبب الذي كان وراء تأخر التجديد في الشعر العربي القديم بالخصوص، ومرد ذلك هو أن النقد العربي الذي ولد بين أحضان علماء اللغة كان يقدس الشعر الجاهلي لأن لغته لغة استشهاد لم يلحقها اللحن،لذلك لا غرابة أن نرى محاولات المتنبي وأبي تمام وأبي نواس تتأثربهذا النمط من النقد الذي لا يؤمن سوى بصرامة عمود الشعر. أما الشعر الحديث فيعتقد الناقد بإمكانية تقسيمه إلى حركتين، حركة كان التجديد عندها تدريجيا كما رأينا وهي حركة الإبداع الرومانسي لأن شعراءهم لم تتح لهم الحرية الكافية لممارسة التجديد في ظل نقد محافظ يمجد القديم يتزعمه طه حسين، وحركة كان التجديد عندها عنيفا لأنها تزامنت مع نكبة فلسطين وهو الامتياز الذي أتاح " للشاعر الحديث أن يمارس حريته بكيفية وبقدر لم يتح مثلهما لغيره من الشعراء المجددين"ص7، وهاهنا نطرح سؤالا للمناقشة: هل الحرية مطلب يعطى للشاعر ؟ أم حق ينتزع؟ يحتاج إلى شخصية الشاعر وجرأته.
القسم الأول من الفصل الأول: نحو موضوع ذاتي :
في الوقت الذي بدأت شخصية الإنسان العربي تشعر بانهيار تام، وفي الوقت الذي تعالت فيه الفلسفات المنادية بحرية الإنسان ظهر الشعر الرومانسي بتجمعاته الثلاثة ( الديــــــــــــوان، الرابطة القلمية، وأبولو) ليقود المضامين الشعرية من التغني بالجماعة إلى التغني بالوجدان الذاتي، فكيف تمظهر هذا الموضوع في شعر كل جماعة؟ وم
مدرسة الديــــــوان:
لا تذكر جماعة الديوان إلا ويذكر معها العقاد وشكري والمازني ،ولا تذكر كذلك إلا ويذكر معها موضوع الوجدان الذاتي الذي يعتبر أعظم جديد هذه المدرسة، فقد "إلتقى هؤلاء الشعراء عند فكرة هي أن الشعر وجدان غير أن مفهوم الوجدان عندهم كان متباينا فقد أراده العقاد مزاجا من الشعور والفكر... حتى قيل بأن العقاد مفكر قبل أن يكون شاعرا، أما شكري فقد فهم الوجدان على أنه التأمل في أعماق الذات لأن المعاني عنده جزء من النفس لا يدرك بالعقل وإنما يدرك بعين الباطن أي بالقلب" ص....أما المازني فالوجدان عنده كل ما تفيض به النفس من شعور وعواطف وإحساسات ، إنه شاعر يحب أن يتعامل مع الأشياء تعاملا أساسه الإنفعال المباشر.
أما رأي المجاطي في طريقة تعامل شعراء هذه المدرسة مع موضوع الوجدان، فيمكن تلخيصه في قوله" أثر الوجدان في شعر هذه الجماعة كان أثرا سلبيا يؤثر هدوء الحزن وظلمة التشاؤم على ابتسامة الأمل واستشراف النصر فحفر بذلك أول قناة مظلمة في طريق الاتجاه الرومانسي" ص ا موقف المجاطي من طريقة تناول كل جماعة لهذا الموضوع الوجداني
الرابـــــــــــطة القلمية:
تغنى شعراء الرابطة القلمية بدورهم بالوجدان، لكنهم أرادوا أن يوسعوه ليشمل الحياة والكون والذات الإلهية،فالتأمل في الذات في نظرهم لا يجعلك حبيس ذاتك فقط بل يجعلك تنفتح على عالمك الخارجي بكل تفاصيله وجزئياته ، بمعنى أن التأمل في الذات يساوي ضرورة فهم الحياة والكون والذات الإلهية، وهذا ما نفهمه من خلال هذه الأقوال:
إذا أغمضت عينيك ونظرت في أعماق أعماقك رأيت العالم بكلياته وجزئياته. -
الحياة تنبثق من داخل الإنسان. -
- كل ما في الوجود كائن في باطنك.
إن أنا ينبوع تتدفق منه الأشياء كلها وإليه تعود. -
على هذا النحو أراد شعراء الرابطة القلمية أن يفهموا الوجدان فهو النفس والحياة والكون، فهل كانوا كذلك في أشعارهم؟
لقد أكد المجاطي أن الوجدان الذي تغنى به شعراء الرابطة القلمية كمشروع لم يتحقق في أشعارهم وإبداعاتهم ، لأننا سنجد مكانه هروبا من الناس ومن الواقع فقد هرب جبران بأحلامه إلى الغاب( هل اتخذت الغاب مثلي منزلا دون القصور)، وتبعه في ذلك كل شعراء الرابطة ،والتجأ إليا أبو ماضي إلى الخيال،( نحن أهل الخيال أسعد خلق الله حتى في حالة الحرمان )، يقول متهكما" ألم تشتمل الذات والحياة والكون جميعا على شيء سوى الهروب والاستسلام والخنوع؟وهل يتعذر على المرء أن يرتفع إلى أفق الرب دون أن ينكر قيمة السير مع الجماعة؟" ص25لا تذكر جماعة أبولو إلا ويذكر معها أحمد زكي أبو شادي الذي كان له شرف تأسيسها سنة1932 رفقة جماعة من الشعراء أمثال: أبي القاسم الشابي وعلي محمود طه والصيرفي...، وهي جماعة آمنت بأن مصدر الشعر هي ذات الشاعر وما تعيشه من أحوال وتقلبات إلى درجة أن حياة الشاعر يمكن تلمسها في أشعاره ،يقول أبو شادي:
وما كان شعري في نظم أصوغه ولكن شعري أن أكون أنا الشعرا

أما بخصوص تعليق المجاطي على شعر هاته الجماعة فيعتقد بأن في أشعارهم نوعا من الإغراق والانطواء على هموم الذات الفردية إغراقا تحول في نظره إلى ما يشبه المرض "ص 34 مرض سيقابله حسب الناقد تيار آخر سيمجد الذات الجماعية ويعيش هموم الناس ويواجه الحياة بمسراتها وأوجاعها، في إشارة إلى شعر ما بعد النكبة "الشعر الحديث،الذي يوازي الحداثة أو الشعر الحر ....والذي سيسلط عليه الضوء في الفصول الثلاثة المتبقية


القسم الثاني من الفصل الأول: نحو شكل جديد
إذا كانت القصيدة الإحيائية تعتمد على امتلاء الذاكرة وتقليد النموذج، فإن التيار الوجداني قد استخدم لغة أكثر سهولة ويسر من لغة القصيدة الإحيائية التي كانت تميل إلى رصانة اللفظ وجزالة الأسلوب وبداوة المعجم. بل تستعمل القصيدة الوجدانية لغة الحديث المألوف ولغة الشارع كما عند العقاد في الكثير من قصائده الشعرية ولاسيما قصيدته” أصداء الشارع” الموجودة في ديوانه” عابر سبيل”. كما أن الصورة الشعرية البيانية صارت تعبيرية وانفعالية وذاتية ملتصقة بتجربة الشاعر الرومانسي. بينما اقترنت الصورة الشعرية لدى الإحيائيين بالذاكرة التراثية مستقلة عن تجربة القصيدة الذاتية ، وغالبا ما تأتي للتزيين والزخرفة ليس إلا.
و” لقد أراد الشاعر الوجداني أن يجعل للصورة وظيفة أساسية، وأن تكون هذه الوظيفة نابعة من تجربته الذاتية، ومن رؤيته للحياة، عبر تلك التجربة، ولم يعد التدبيج والزخرفة هدفه الأساسي من استخدامها، لا بل إن هذه الوظيفة أصبحت ذات علاقة بوظائف العناصر الشعرية الأخرى، من أفكار وعواطف وأحاسيس، ومن هذه العلاقة الأخيرة، تنشأ خاصية أخرى من خصائص الشكل في القصيدة الوجدانية الحديثة، هي خاصة الوحدة العضوية. فكما أراد الشاعر الوجداني أن يربط بين الصورة وبين عواطف الشاعر وأحاسيسه، أراد كذلك أن يربط هذه العواطف والأحاسيس والأفكار يبعضها، ومن القصائد الوجدانية التي تتمثل فيها خاصة الوحدة العضوية قصيدة “حكمة الجهل” لعباس محمود العقاد التي يحافظ فيها الشاعر على الرابط العضوي والمنطقي، لذا من الصعب أن يخل الدارس بتسلسل الأبيات تقديما وتأخير هذا، وقد مال الوجدانيون إلى تحقيق بعض الملامح التجديدية في أشعارهم كتنويع القوافي والأوزان، وتشغيل الوحدة العضوية في بناء القصيدة، واستعمال القصائد والمقطوعات المتفرقة، وتليين اللغة وترهيفها وإزالة قداستها البيانية ، وتوظيف القافية المرسلة والمزدوجة والمتراوحة، واللجوء إلى الشعر المرسل. لكن هذا التجديد سيواجهه النقاد المحافظون بالمنع والتقويض كمصطفى صادق الرافعي وطه حسين والعقاد في إحدى مراحله النقدية وإبراهيم أنيس صاحب كتاب ” موسيقا الشعر”.
تعليق المجاطي على جديد الشكل عند الشعراء الرومنسين:

غير أن هذا التجديد الذي جاء به شعراء التيار الذاتي على مستوى الشكل وكما أشار إلى ذلك الناقد لم يكن صفة ملازمة لجميع شعراء هذا التيار ، بل لم يتحقق إلا في بعض القصائد النخبوية والسبب عنده راجع إلى تشدد
النقد المحافظ والذي لم يكن مستعدا لتقبل الجديد يقول المجاطي" أما السر في انحصار التطور والتجديد على مستوى الشكل في هذا الحيز الضيق من الشعر الوجداني فيرجع في نظري إلى تلك الحملة التي شنها النقد المحافظ على الحركة التجديدية منذ أن رأى محاولاتها تستهدف اللغة والأوزان والقوافي والصور البيانية "ص48 ،ويكفي أن نذكر من أولئك النقاد المحافظين مصطفى صادق الرافعي الذي نبه جبران إلى أن اللغة العربية مقدسة يجب الحفاظ عليها، وطه حسين الذي نعث قصيدة إليا أبي ماضي بالجنون في قوله"فإذا أردت العبث الذي لاحد له بالموسيقى الشعرية فاقرأ قصيدة المجنون ، فترى أنها جنون كلها" فاعتبر بذلك جديد إليا أبي ماضي جنونا وعبتا وحكي لجنون المجانين.
ولما كان الأمر كذلك كان لا بد أن تتأثر تلك المحاولات التجديدية بذلك النقد المحافظ الذي وصل في كثير من الأحيان حد السب والتهكم والسخرية، لكن رغم ذلك تظل التجربة الرومانسية تجربة رائدة في الشعر العربي الحديث لأنها مهدت الطريق أمام الحركات الشعرية التي سترى النور بعد النكبة1948 لتواصل رحلة التجديد والتطوير

الفصل الثالث والرابع: تجربة الغربة والضياع وتجربة الحياة والموت
تقديــــــــــــــــــم:
هزيمة الجيوش العربة سنة 1948 و التي تزامنت مع نكسة فلسطين، كانت كافية ليفقد الشباب العربي ثقتهم بأنفسهم وبكل ما يحيط بهم من ثقافة وعلاقات اجتماعية وآداب ويدعوا فرصة للشك ليمارس منطقه على الأنا والآخر بل كاد الشك أن ينال من علاقة الإنسان العربي بخالقه، وفي ظل واقع الهزيمة والشك راح الشاعر العربي يبحث لنفسه عن شكل شعري جديد يتجاوز به الأنظمة التقليدية التي كانت تقيد إبداعاته ويستعين به على تحليل واقعه والوقوف على المتناقضات التي تكتنفه وإدراكها إدراكا موضوعيا تتبدى من خلاله صورة الواقع الحضاري المنشود الذي يريده، وهو الشيء الذي سيتحقق عندما فتح الشاعر العربي ذهنه للثقافات الأجنبية والفلسفات التحررية فكانت النتيجة ظهور شعر جديد يتغنى بمضامين جديدة ، لخصها الناقد في تجربتين شعريتين هما: تجربة الغربة والضياع وتجربة الحياة والموت، فما الفرق بين التجربتين؟
تجربة الغربة والضياع:
تجربة الغربة والضياع،تجربة شعرية فريدة من نوعها تتغنى بالغربة والضياع والكآبة والتمزق عرفها الشعر الحديث في بداية الخمسينات ووسمت أشعار جماعة من الشعراء كصلاح عبد الصبور والبياتي وبدر شاكر السياب وسميح القاسم ...فماهي أسبابها؟ وماهي تجلياتها في الواقع الحضاري للإنسان العربي؟ بخصوص الأسباب التي كانت وراء هذه التجربة الشعرية المأساوية رأى بعض الدارسين بأن الأسباب كثيرة قد يكون بعضها هو التأثر بأعمال بعض الشعراء الغربيين من أمثال توماس إليوت أو بعض المسرحيين والروائيين الوجوديين كألبير كامو وجان بول سارتل ممن ترجمت أعمالهم إلى اللغة العربية و أغلب الظن كما يذهب إلى ذالك المجاطي أن السبب الأساسي هو الواقع العربي الذي حولته الهزيمة إلى أنقاض وخرائب ولوثت تاريخه المشرق بنكسة لم تكن في الحسبان، يقول الناقد" إن شهادة هؤلاء الشعراء و هم جميعا من
رواد الشعر الحديث- ويقصد البياتي وصلاح عبد الصبور وأدونيس- تؤكد أن النكبة كانت أهم عامل في الاتجاه بالتجربة الشعرية الحديثة نحو آفاق الضياع والغربة" ص 66 .
أما بخصوص تجلياتها في الواقع الحضاري،فيمكن رصدها في كون الإنسان العربي بعد النكبة صار غريبا في الكون الذي يشمله و في المدينة التي يضطرب فيها وفي الحب الذي يملأ قلبه وفي الكلمة التي أريد لها أن تكون سيفا سلوكا نضاليا فاستحالت صمتا حجرا ومنية.
الغربة في الكون :
لقد رسم الشاعر الحديث بقصائده صورا لكونه مثقلة بالظلمة والمرارة والإحساس بالعبث،تفسيرها الوحيد هو أن الشاعر وحيد متفرد غريب في كونه إلى درجة تمنيه الموت خلاصا:
هجرتني
نسيتني
حكمت بالموت علي قبل ألف عام
وهاأنا أنام
منتظرا فجر خلاصي ساعة الإعدام
فالكون عنده مرة متاه يتغلغل فيه كالمسمار بلا صوت"يكفيك أن تعيش في المتاه منهزما أخرس كالمسمار" وهو مرة أرض بلا خالق" مسافر تركت وجهي علي زجاج قنديلي،خريطتي أرض بلا خالق و الرفض إنجيلي’’وهو مرة فضاء بلا حدود" رجلاي في الفضاء والفضاء هارب’’،بل حتى الزمن ليس هو الزمن الذي اعتاد الناس على تقسيمه إلى دقائق وثواني وليل ونهار:

هل تدري في أي الأيام نعيش
هذا اليوم الموبوء هو اليوم الثامن
من أيام الأسبوع الخامس
في الشهر الثالث عشر’’وبلغت غربة الشاعر الحديث في كونه ذروتها فتمنى لو أعيد خلق الكون من جديد " ألا صورة من جدي لهذا الوجود"
الغربة في المدينة

لقد أحس الشاعر الحديث بغربة تواجهه في علاقته بالمدينة التي يعيش فيها من جهة، وبمن فيها من أناس وقيم وأشياء من جهة ثانية وسلك للتعبير عن تلك الغربة طرقا مختلفة، فصور المدينة في ثوبها المادي الخالي من كل حمولة إنسانية،فهي تارة من الزجاج وتارة من الحجر وهي تارة بلا قلب لا تجيد فلسفة الحب، تقسو عل الأحياء و الأموات، الناس فيها صامتون" وأهلها تحت اللهيب و الغبار صامتون"، مشغولون بأنفسهم لا يلقون التحية ولا يعرفون الشفقة،يتجاهلون موتاهم لا يعرفونه لا يبكونهم"
في زحمة المدينة المنهمرة
أموت لا يعرفنــــي احد
أموت لا يبكينـــــي أحد
الغربة في الحب:
كما فشل الشاعر الحديث في التلاؤم مع جو المدينة الخانق وحمل غربته ليواجه الموت، فشل كذلك في الوصول إلى جوهر المرأة،لأن همومه أكثر من أن تحصى وتركيبه النفسي أصبح معقدا لا تجدي معه جرعة الحب بمفهومها الجسدي والروحي شيئا.
* فعلى مستوى الجسد لم يستطع الشاعر أن يصل إلى كنه المرأة ولا هي استطاعت ذلك ، فبقدر العناق يكون الفراق، فقد توحدا في جسد واحد لكن ظل لكل واحد منهما سجنه الخاص عالمه الخاص المغلق، يمتد العناق بينهما مدة طويلة ولا يستطيع الشاعر أن يهدم الصور القائم بينه وبين ضجيعته، "وكيف أصبحنا عدوين وجسم واحد يضمنا" أما على مستوى الروح فلم يعد الحب يعني للشاعر شيئا،لأن وقع الهزيمة التي حولت الواقع العربي إلى خراب كان عظيما طمس كل معالم العاطفة النبيلة، يقول عبد المعطي حجازي "إن وقت الحب فات إن الحب مات" ويقول السياب " اقتليني كي أحبك" و نجد صلاح عبد الصبور يحمل مسؤولية ضياع الحب للزمن الذي يعيش فيه " إذا افترقنا يا رفيقتي ،فلنلقي كل للوم على زماننا
الغربة في الكلمة:
لقد أراد الشاعر الحديث أن تكون كلمته سيفا يشهره في وجه الظلم وأن تصبح كلمته قوة وسلوكا نضاليا، فإذا بها تتحول إلى حجر وموت أبدي "اللفظ حجر، اللفظ منية"، وكلمات تقف في حلق قائلها كأنها قيثارة مكسورة الوتر،خرساء لا صوت لها إن نطقت كانت سوداوية "صارت أنغام الشاعر خرساء، فإذا نطقت كانت سوداوية"
تجربة الحياة والموت:
تجربة الحياة والموت، تجربة حاول الشاعر العربي من خلالها أن يتجاوز اليأس و الغربة والموت إلى الحياة من خلال إيمانه المطلق بضرورة الولادة و التجدد والبعث،لأن الموت في نظره ليس سوى معبر نمر عليه إلى الحياة، والإنسان جدل دائم بين حياته وموته بين بدايته ونهايته، بهذا المعنى تصبح مهمة الشاعر ورسالته أشبه بمهمة البطل أو النبي، فهو مطالب بأن يحيل إحساسنا بالموت إلى إحساس بالحياة أي أن عليه أن يوجد حياة كاملة من العدم من هنا التجأ الشاعر إلى توظيف الأساطير ذات العلاقة بالبعث فوظف أسطورة تموز الذي اعتاد النزول كل شتاء إلى العالم السفلي(عالم الموت)فتلحق به عشتار على أن يكون بعثهما قبيل الربيع،و أوروفيوس الذي استطاع بأنغامه أن يقهر الوحوش فأطلقوا صراح حبيبته أوريديس من براثن الموت،وصقر قريش الذي شق قبره وألقى موته وطار،وطائر الفنيق الذي يتجدد من رماده ومهيار الذي مات لينهي عهد الموت.
وباستخدام كل هذه الأساطير التي لها علاقة بالبعث والتجدد صار بإمكان الشاعر العربي الحديث أن يحدث الناس عن إمكانية
التجدد والولادة بعد الموت ومن أمثلة أولئك الشعراء نذكر على سبيل المثال
*علي أحمد سعيد أدونيس
لقد آمن أدونيس بإمكانية بعث الأمة العربية وتجددها من خلال مفهوم التحول، الذي اكتشفه عبر مراحل ثلاث، مرحلة التساؤل عت الطريقة التي ستعيد للأمة حياتها" من أين كيف أوقض النيام" ثم البحث" أبحث في مملكة الرماد عن وجهك المدفون يا بلادي" وأخيرا الاكتشاف ، اكتشاف التحول الذي يضمن للطبيعة الدوام والتجدد، ويقصد به تلك اللحظة الزمنية التي يموت فيها وجود قائم بذاته ليحل محله وجود آخر،غير أن المجاطي يرى أنه لم يوفق دائما في تطبيق مبدأ التحول في أشعاره،بحيث وفق حين كان التحول من الموت يتم بطريقة مقنعة غير فجائية،كما في "الرأس والنهر " وقصيدة "تيمور ومهيار" ففي القصيدة الأولى يقول"نبتت زهرة على الضفة الأخرى بموتي"وهذا شيء منطقي لأن التضحية بالنفس سبيل الأمة نحو الحياة ، أما في القصيدة الثانية فنجد تيموروهو رمز الاستعباد والموت يحاول التخلص من مهيار رمز الشعب وفي كل مرة نجد مهيار يصنع لنفسه حياة جديدة بقوة إرادته في أن يستمر حيا رغم الموت الذي يريد أن يلحقه به تيمور، وسر نجاح التحول في هذه القصيدة هو توظيف مجموعة من الأساطير كأسطورة العنقاء والفنيق من جهة، و اعتماد مهيار كرمز للإرادة والإرادة كما لا يخفى على أحد لا يمكن أن تقه ، ولم يوفق حين كان التحول يتم بطريقة ميكانيكية فجائية كما في قصيدة" الأسماء" عندما يقول"سأسمي اللهيب مطرا واسمي وجهك المغلق الدفين كوكبا" فلا ندري كيف يمكن للهيب أن يصير مطرا ولا للوجه الدفين أن يصير كوكبا
خليل حاوي:
إذا كان البعث عند أدونيس يتحقق بمبدأ التحول، فإن خليل حاوي لا يتحقق عنده إلا بتحمل المعاناة،وكثيرا ما ترددت لفظة المعاناة في مقدمات قصائده، فقد قدم لقصيدة"بعد الجليد" بقوله " القصيدة تعبر عن معاناة الموت والبعث" ولقصيدة" السندباد في رحلته الثامنة"بقوله"والقصيدة رصد لما عاناه عبر الزمن في نهوضه من دهاليز ذاته، إلى أن عاين الانبعاث" وأبرز القصائد التي برزت فيها المعاناة من أجل الحياة قصيدة"حب وجلجلة" في قوله: أعاني الموت في حب الحياة" وكذلك في قصيدة "حب وجلجلة" والتي لم يتحقق فيها البعث إلى بعد مخاض طويل وتقطيع أرحام" صرخة ، تقطيع أرحام، وتمزيق عروق و بعد ذلك يظهر جيل الشباب الجديد يعبرون الجسر الذي صنع من أضلع الشاعر"يعبرون الجسر في الصبح خفافا،أضلعي امتدت لهم جسرا وطيد"، فهل الشعب العربي مستعد لتحمل المعاناة من أجل تحقيق البعث؟

بدر شاكر السياب
في اعتقاد بدر شاكر السياب الموت هو المعبر الذي نمر عليه إلى الحياة، فقد ظل يعتقد بأن الخلاص لا يكون إلا بالموت،إلا بالمزيد من الأموات والضحايا، ففي قصيدته"النهر والموت"يصير الموت انتصارا" أود لوغرقت في دمي على القرار، لأحمل العبء مع البشر،وأبعث الحياة إن موتي انتصار" وفي قصيدة أخرى يؤكد أن حياته بعد الموت ستكون أخصب "كم حياة سأحيى،ففي كل حفرة صرت مستقبلا، صرت بذرة صرت جيلا من الناس..." وفي قصيدة أخرى يقول بأن الأشياء لا تصير حية إلا من رمادها" الأشياء ليس تنهض إلا على رمادها المحترق ".
عبد الوهاب البياتي :
تميزت تجربة الموت والحياة في تجربة عبد الوهاب البياتي بجدلية الأمل واليأس كما يظهر ذلك جليا في ديوانه” الذي يأتي ولايأتي”. ويلاحظ الدارس أن هناك ثلاث منحنيات في أشعاره عبد:” في المنحنى الأول، انتصار ساحق للحياة على الموت، وتمثله الأعمال الشعرية السابقة على” الذي يأتي ولايأتي”، ولاسيما ” كلمات لاتموت”، و” النار والكلمات” و” سفر الفقر والثورة”.في المنحنى الثاني تتكافأ الكفتان، ويمثله ديوان” الذي يأتي ولايأتي”.أما المنحنى الأخير، فيتم فيه انتصار الموت على الحياة، ويمثله ديوان” الموت في الحياة”"24هذا، و قد جسد عبد الوهاب البياتي في دواوينه الشعرية حقيقة البعث من خلال الخطوط الأربعة الهامة لمضمون ديوانه” الذي يأتي ولايأتي” كخط الحياة وخط الموت، وخط السؤال، وخط الرجاء، وكل هذا يرد في جدلية منحنى الأمل ومنحنى الشك.
الفصل الرابع: نحو شكل جديد
لقد آمن الشاعر الحديث بأن تجربته الشعرية التي تحاول الكشف عن واقع الإنسان العربي النفسي والاجتماعي والحضاري واستشراف مستقبل ممكن مليء بالتجدد والحياة ، لا يمكن أن تظل حبيسة شكل شعري قديم، بل لا بد من تطوير الأشكال التعبيرية حتى تتوافق والمضامين الجديدة المعبر عنها، لأن نجاح التجربة لابد أن يشمل جانبي الشكل والمضمون،يقول خليل حاوي "وعندما تكون التجربة ذاتية وموضوعية يضيق عنها القالب القديم" ويقول أدونيس"ومن يحيا الحياة لا يسقط أسير أي شكل نهائي"، من هذا المعطى جاء المجاطي في هذا الفصل الأخير ليؤكد بأن الشعر المعاصر وبعد عشرين سنة من الإبداع والتألق استطاع أن يهدم الشكل القديم ويقيم على أنقاضه شكلا شعريا جديدا ، لغة وتصويرا و إيقاعا ، بل ذهب إلى تبرئة الشعر المعاصر من تهمة الغموض ، وحمل المسؤولية للقارئ الذي لم يستطع استيعاب هذا الشكل الجديد يقول "استطاع الشكل الشعري الحديث بعد عشرين سنة من النمو أن يتجاوز الشكل القديم أقام بين نفسه وبينه جدارا يصعب على قارئ الشعر أن يتخطاه ما لم يلم الماما حسنا بالتحولات الثورية التي أصابت العناصر الأساسية للشكل الشعري، كاللغة والإيقاع والتصوير البياني"ص201 فماهي التحولات الثورية التي مست اللغة والتصوير البياني والإيقاع ؟ والتي إن لم نستوعبها حرمنا لذة الاستمتاع بالشعر الحديث وحرمنا من الاستفادة من قيمه الشعورية والفكرية.

تطور اللغة : اللغة في الشعر الحديث حسب المجاطي تطورت في اتجاهات مختلفة وأصابتها تحولات متعددة، فهي لم تقترب من لغة الحديث اليومي فحسب، كما ذهب إلى ذلك النويهي متأثرا برأي إليوت القائل بأن على " الشاعر أن يستخدم الكلام الذي يجده من حوله والذي يألفه أكبر ألفة " بل اقتربت أحيانا من اللغة القديمة فوظفت العبارة الفخمة والسبك المتين ، كما نجد عند بدر شاكر السياب أحيانا ، واستعملت لغة الرمز والإشارة والهمس والإيماء، وابتعدت أحيانا عن لغة التداول وذلك باستعمال بعض الكلمات بمدلولات لغوية جديدة تخالف استعمالها في القاموس اللغوي إلى درجة أن الشاعر أحيانا يفاجئنا بإقامة ارتباط غير متوقع بين الكلمات التي يبني بها عباراته فيصير للكلمة إطار جديد وتركيب جديد، ناهيك عن استعمال لغة ذات نفس درامي لأنها مفعمة بأحزانه وهمومه وآهاته .
تطور الصورة البيانية : ما تتميز به الصورة في الشعر الحديث حسب المجاطي هو أنها ابتعدت عن الصورة البيانية في البلاغة القديمة وتوسعت لتتسع لأكبر قدر من الاحتمالات المتصلة بعمق التجربة التي يحياها الشاعر ، بل أصبح مدلول الصورة مرتبط بعلاقتها وتفاعلها مع الصورة الأخرى ، وبات بإمكان الصورة الواحدة أن تنفتح على آفاق تجربة الشاعر المختلفة ، وسبب هذا أن الشاعر أصبح ينهل من ثقافته الواسعة ومن إلمامه بالمعارف السبعة ، والتي تمده بالمزيد من الصور والرموز كلما احتاج إلى ذلك.تطور الأسس الموسيقية : أهم ما يميز جديد الإيقاع في الشعر الحديث حسب المجاطي هو نجاح القصيدة الحديثة في تفكيك بنية البيت والحد من صرامته والحد من تسلط القافية على مشاعر وأحاسيس الشاعر ، فإذا كان الإيقاع القديم الذي وضع أسسه الفراهدي هو الذي يتحكم في الدفقات الشعورية للشاعر فإن مشاعر الشاعر اليوم هي التي أصبحت تتحكم في الإيقاع ، فالأبيات أصبحت تطول وتقصر حسب طول وقصر الدفقات الشعورية للشاعر وتنويع الأضرب والزحافات والتدوير كل ذلك أصبح معمولا به، فقط لإرضاء مشاعر الشاعر الذي يجب أن تتدفق مشاعره دون أن يعرقل تدفقها الإيقاع، والميزة الثانية هي أن القافية أصبحت مرنة لأنها كذلك خضعت لحركة مشاعر الشاعر وأفكاره، واختصارا نقول بأن الذي يتحكم في إيقاع الشعر الحديث هي مشاعر الشاعر وليس العكس
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://madrasttarrasst.yoo7.com
 
قراءة مؤلف نقدية لظاهرة الشعر الحديث
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» حصريا تحليل رواية ظاهرة الشعر الحديث
» مشروعية قراءة الجماعة وقراءة الحزب
» الشعر في الاسلام
» الشعر :" قصة اميرة "
» منهجية تحليل خطاب التحديث والمعاصرة في الشعر العربي

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى مدرسة المسجد الكبير العلمية العتيقة بتراست  :: المواد الموازية :: بحوث تربوية-
انتقل الى: