منتدى مدرسة المسجد الكبير العلمية العتيقة بتراست
التصور القرآني لمسالة خلق الإنسان 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة / انت غير مسجل في هذا المنتدى يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا التصور القرآني لمسالة خلق الإنسان 829894
ادارة منتديات مسجد الكبير لتراست التصور القرآني لمسالة خلق الإنسان 103798
منتدى مدرسة المسجد الكبير العلمية العتيقة بتراست
التصور القرآني لمسالة خلق الإنسان 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة / انت غير مسجل في هذا المنتدى يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا التصور القرآني لمسالة خلق الإنسان 829894
ادارة منتديات مسجد الكبير لتراست التصور القرآني لمسالة خلق الإنسان 103798
منتدى مدرسة المسجد الكبير العلمية العتيقة بتراست
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى مدرسة المسجد الكبير العلمية العتيقة بتراست

التواصل مع المدرسة : madrasttarrasst@gmail.com
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 التصور القرآني لمسالة خلق الإنسان

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin
Admin
Admin


عدد المساهمات : 583
نقاط : 11683
تاريخ التسجيل : 24/04/2010
العمر : 45

التصور القرآني لمسالة خلق الإنسان Empty
مُساهمةموضوع: التصور القرآني لمسالة خلق الإنسان   التصور القرآني لمسالة خلق الإنسان I_icon_minitimeالأربعاء 5 ديسمبر - 2:04

مسالة خلق الانسان
التصور القرآني لمسالة خلق الإنسان
تمهيد :
يعتبر الكائن الإنساني مخلوق من طرف الإله، وقد جعله خليفة في الأرض مكلفا بالحفاظ على الأمانة ،وعمل الخير واجتناب الشر ،وتطبيق التعاليم الدينية للفوز بالجنة .
ويطر مفهوم الإنسان مسالة الجبر والاختيار،فالتصور القراني يعتبر الإنسان تارة حرا وأخرى مجبرا،وستكون هاته المسالة محطة جدل بين المتكلمين وخاصة في البحث في الفعل الإنساني،وسيطر السؤال التالي: هل الإنسان مخير في أفعاله أو مجبر عليها؟

1 - قصَّة الخلق:
سورة البقرة (الايات 30-37)

قال الله تعالى: {وإذ قال رَبُّكَ للملائِكَةِ إنِّي جاعلٌ في الأَرضِ خَلِيفَةً قالوا أتَجْعَلُ فيها مَن يُفْسِدُ فيها ويَسْفِكُ الدِّمَاءَ ونحن نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ ونُقَدِّسُ لك قال إنِّي أعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ(30) وعَلَّم آدَمَ الأسمَاءَ كُلَّهَا ثمَّ عَرَضَهُم على الملائِكَةِ فقال أنبِئُونِي بأسماءِ هؤلاءِ إن كُنتُم صَادِقِينَ(31) قالوا سُبحَانَكَ لا عِلمَ لنا إلاَّ ما عَلَّمتَنَا إنَّكَ أنت العَلِيمُ الحَكِيمُ(32) قال ياآدَمُ أنبِئْهُم بأسمائِهِم فلمَّا أنبَأَهُم بأسمائِهِم قال ألم أقُل لكم إنّي أعلَمُ غَيبَ السَّمواتِ والأَرضِ وأعلَمُ ما تُبدُونَ وما كنتُمْ تَكْتُمُونَ(33) وإذ قُلْنَا للملائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إلاَّ إبليسَ أَبَى واسْتَكْبَرَ وكان من الكَافِرينَ(34) وقُلْنَا ياآدَمُ اسكُنْ أنتَ وزَوْجُكَ الجَنَّةَ وَكُلا منها رَغَداً حيثُ شِئْتُمَا ولا تَقْرَبَا هذه الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا من الظَّالِمينَ(35) فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عنها فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فيه وَقُلْنَا اهبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ولكم في الأَرضِ مُستَقَرٌّ ومَتَاعٌ إلى حِينٍ(36) فَتَلقَّى آدَمُ من ربِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عليه إنَّهُ هو التَّوَّابُ الرَّحِيمُ(37)}
سورة الأعراف (الايات 11-25)
وقال أيضاً: {ولقد خَلَقنَاكُم ثمَّ صَوَّرنَاكُم ثمَّ قُلنَا للملائِكَةِ اسجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إلاَّ إبليسَ لم يكن منَ السَّاجِدِينَ(11) قال ما مَنَعَكَ ألاَّ تَسجُدَ إذ أمَرتُكَ قال أنا خَيرٌ منهُ خَلَقتَنِي مِن نارٍ وخَلَقتَهُ مِن طِينٍ(12) قال فاهبِط منها فما يكون لك أن تَتَكَبَّرَ فيها فاخرج إنَّكَ منَ الصَّاغِرِينَ(13) قال أَنْظِرني إلى يوم يُبعثون(14) قال إنَّك من المُنْظَرين(15) قال فَبِمَا أغوَيتَنِي لأَقعُدَنَّ لهم صِراطكَ المُستَقِيمَ(16) ثمَّ لآتِيَنَّهُم من بين أيدِيِهم ومن خَلفِهِم وعن أيمَانِهِم وعن شَمَائِلِهِم ولا تَجِدُ أكثَرَهُم شَاكِرِينَ(17) قال اخرجْ منها مَذؤُوماً مدحُوراً لَمَن تَبِعَكَ منهم لأملأَنَّ جَهَنَّمَ منكم أجمَعِينَ (18) وياآدَمُ اسكُنْ أنتَ وزَوجُكَ الجَنَّةَ فَكُلاَ من حيثُ شِئتُمَا ولا تَقرَبَا هذه الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا من الظَّالِمِينَ(19) فَوَسوَسَ لهما الشَّيطَانُ لِيُبدِيَ لهما ما وُورِيَ عنهما من سوْءَاتِهِمَا وقال ما نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عن هذه الشَّجرةِ إلاَّ أن تَكُونَا مَلَكَينِ أو تَكُونَا من الخَالدينَ(20) وقَاسَمَهُمَا إنِّي لكما لَمِنَ النَّاصِحِينَ(21) فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ فلمَّا ذَاقَا الشَّجرةَ بَدَت لهما سَوءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخصِفَانِ عليهِمَا من وَرَقِ الجَنَّةِ ونَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَم أَنهَكُمَا عن تِلكُمَا الشَّجرةِ وأقُل لكُمَا إِنَّ الشَّيطَانَ لكما عَدُوٌّ مبِينٌ(22) قالا رَبَّنَا ظَلَمنَا أَنفُسَنَا وإِن لم تَغفِر لنا وتَرحَمنَا لَنَكُونَنَّ من الخَاسِرِينَ(23) قال اهبِطُوا بَعضُكُم لِبَعضٍ عَدُوٌّ ولكم في الأَرضِ مُستَقَرٌّ ومَتَاعٌ إلى حينٍ(24) قال فيها تَحيَونَ وفيها تَمُوتُونَ ومنها تُخرَجُونَ(25)}
سورة الحجر(الايات 26-44)
وقال أيضاً: {ولقد خَلَقْنا الإنسان من صَلصال مِن حَمَأٍ مَسْنُون(26) والجَانَّ خَلَقْناه من قبلُ من نارِ السَّموم(27) وإذ قال ربُّك للملائِكَةِ إنِّي خَالقٌ بشراً من صَلصالٍ من حَمأٍ مَسنون(28) فإذا سوَّيتُه ونَفختُ فيه من روحي فَقعوا له ساجدين(29) فَسَجَد الملائِكةُ كُلُّهُم أجمعون(30) إلاَّ إبليس أَبَى أن يكون مع السَّاجدين(31) قال ياإبليس ما لك ألاَّ تكون مع السَّاجدين(32) قال لم أكن لأسجدَ لبشرٍ خَلَقْتَهُ من صَلصالٍ من حَمأٍ مَسنون(33) قال فاخرج منها فإنَّك رجيم(34) وإنَّ عليك اللَّعنةَ إلى يومِ الدِّين(35) قال ربِّ فَأَنظِرني إلى يومِ يُبعثون(36) قال فإنَّك من المُنْظَرين(37) إلى يومِ الوَقتِ المَعلوم(38) قال ربِّ بما أغْويتَني لأُزيِّننَّ لهم في الأَرض ولأُغْوينَّهم أجمعين(39) إلاَّ عِبادكَ مِنهم المُخْلَصين(40) قال هذا صراطٌ عليَّ مستقيم(41) إنَّ عبادي ليس لك عليهم سلطانٌ إلاَّ منِ اتَّبعك من الغَاوين(42) وإنَّ جهنَّمَ لَموعِدُهُم أجمعين(43) لها سبْعةُ أبوابٍ لكلِّ بابٍ منهم جُزءٌ مَقسوم(44)}

ـ الله تعالى هو الخالق المبدع، وهو الواسع العليم، الحكيم الفعَّال لما يريد. خلق الأرض ثمَّ خلق آدم، ووضع لكلٍّ منهما نواميس وموازين تتواءم وتتلاءم لتصلح حياة آدم على الأرض، ولتصلح الأرض بحياة آدم؛ فيتجلى بذلك إعجاز الله تعالى في خلقه ودقَّة صنعه.
ـ إن في تعليم الله لآدم أسماء الأشياء كلِّها {وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا} إشارة دقيقة إلى قدرة الإنسان على الوصول إلى درجات عليا من المعرفة والكمال، وإلى أهميَّة العلم وضرورته للحياة الإنسانية حسب المنهج الإلهي.
ـ أعطى الله آدم القدرة على الكلام منذ خلقه وعلَّمه {قال ياآدم أنبِئْهُم}.
ـ كرَّم الله الإنسان المؤمن بالله، الممتثل لأمره؛ على سائر مخلوقاته بما فيهم الملائكة والجن، ولذلك أمرهم الله بالسجود لأبي البشريَّة آدم عليه السلام سجود تكريم وتقدير؛ للروح الإلهية المودعة فيه، وللعلم الَّذي أكرمه الله به، فسجدوا إلا إبليس أبى.
ـ دأْبُ الملائكةِ وشغلُهم الشاغل التسبيح لله، وتنزيهه عن كلِّ ما لا يليق بذاته القدسيَّة.
ـ عرض الله تعالى علينا في الآيات السابقة صورتين متشابهتين في البداية متعارضتين في النِّهاية، هما صورتا آدم المذنب، وإبليس المتمرِّد. فاشتركت الصورتان في أنَّهما تمثِّلان مخالفة لأمر الله تعالى، إلا أنَّ الأولى انتهت باعتراف آدم بذنبه وطلبه الصَّفح والغفران من الله تعالى، بينما انتهت الثانية بإصرار إبليس على ذنبه وتماديه في غيِّه، ولذا فقد نال آدم العفو والمغفرة من الله الغفور الرحيم، واستحقَّ إبليس الوعيد والعقاب من الله الشديد العقاب، وهكذا فالبشر جميعاً لهم مطلق الاختيار لأحد النموذجين في سلوكهم في هذه الحياة ولاشكَّ أنه سينال الجزاء الَّذي يتناسب مع اختياره.
ـ من تواضع لله رفعه، ومن تكبَّر عليه وضعه.
ـ إن الله عزَّ وجل يقبل التَّوبة من عباده المنيبين إليه، ويحفُّهم برحمته إن كانوا صادقين في الرجوع إلى بابه، ملتزمين بآداب التوبة بين يديه.

2 - نشأة الإنسان:
سورة الحج(الاية 5)

قال الله تعالى: {ياأيُّها النَّاسُ إن كنتم في ريبٍ منَ البعثِ فإنَّا خَلقْناكم من تُرابٍ ثمَّ من نُطفةٍ ثمَّ من عَلَقةٍ ثمَّ من مُضغةٍ مُخَلَّقةٍ وغيرِ مُخلَّقةٍ لِنُبيِّن لكم ونُقِرُّ في الأرحام ما نشاءُ إلى أجلٍ مسمَّى ثمَّ نُخْرِجُكُم طِفلاً ثمَّ لِتَبلغوا أشُدَّكم ومنكم من يُتَوفَّى ومنكم مَن يُرَدُّ إلى أَرْذلِ العُمُرِ لكيلا يَعْلَمَ من بعد عِلْمٍ شيئاً وترى الأَرضَ هَامدةً فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزَّت ورَبَت وأنبتت من كلِّ زوجٍ بهيج(5)}
سورة المؤمنون(الايات 12-16)
وقال أيضاً: {ولقد خَلَقْنا الإنسان من سُلالةٍ من طين(12) ثمَّ جعلناه نُطفةً في قرارٍ مَكِين(13) ثمَّ خَلَقْنا النُطفةَ عَلقةً فخَلَقْنا العَلَقةَ مُضغةً فخَلَقْنا المُضغةَ عِظاماً فكسونا العِظام لحماً ثمَّ أنشأناه خَلْقاً آخرَ فتباركَ الله أَحْسَنُ الخَالقين(14) ثمَّ إنَّكم بعدَ ذلك لميِّتون(15) ثمَّ إنَّكم يومَ القيامة تُبعثون(16)}
ـ نتبيَّن من الآيات الكريمة أن الله تعالى خلق آدم من موادَّ متوافرة في التراب، ثمَّ توالت عملية الخلق لهذا النموذج الإنساني بعد أبي البشرية آدم ـ عليه السلام ـ بواسطة الحيوان المنوي، الَّذي يحمل في مركَّباته كلاً من الصفات والمورِّثات الإنسانية، الَّتي تنتقل من الآباء إلى الأبناء ـ وعلى مرِّ الأجيال ـ لحفظ النوع الإنساني وتكاثره.
ـ تمرُّ النطفة في رحم الأمِّ بمراحل تكوينية بالغة في الإعجاز إلى أن يأخذ الجنين صورته الإنسانية الكاملة، وقد صوَّر القرآن الكريم تلك المراحل بدقَّة، استطاعت اكتشافات العلم المعاصر أن تتوصل إليها مؤخَّراً، متخلِّفة عما أثبته القرآن الكريم قروناً متطاولة.
ـ كما يمرُّ الجنين في رحم أمِّه بمراحل مختلفة إلى أن يصبح وليداً، فإنه يعيش حياته الثانية كذلك، ويمرُّ فيها بأطوارٍ تتراوح ما بين طفولة بريئة.. وشباب متوقِّد.. وشيخوخة متردِّية عند بعضهم.. وهكذا إلى أن تنتهي دورة الحياة هذه.
ـ يُبعث الإنسان يوم القيامة حيّاً بعد موته، كما تحيا البذور بالماء بعد زرعها، وهذا من إعجاز الله تعالى وقدرته على الإحياء بعد الإماتة، وهو الخالق القدير.
الإنسان ابن هذه الأرض، من ترابها نشأ، وفوقه عاش ومنه تغذَّى، وكلُّ عنصر في جسمه له نظيره في عناصر أمِّه (الأرض) {والله أنْبَتَكم من الأَرضِ نباتاً} (71 نوح آية 17)، اللهم إلا ذلك السرَّ اللطيف الَّذي أودعه الله ونفخه فيه وهو الروح، قال تعالى: {..وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوْحِي...} (15 الحجر آية 30).. وقد أثبت العلم الحديث أن جسم الإنسان يحتوي ما تحتويه الأرض من عناصر.
والقرآن يقرِّر هذه الحقيقة ليجعلها محلاً للتدبُّر في صنع الله والتأمُّل في النُّقلة البعيدة بين التراب والإنسان المنحدر في نشأته من ذلك التراب، وبعض النظريَّات العلمية تحاول إثبات سلَّم معيَّن للنُّشوء والارتقاء لوصل حلقات السلسلة بين الحيوان والإنسان، وفي هذا حطٌّ من قدر الإنسان، ولكنَّ القرآن يكرِّم الإنسان ويقرِّر أن فيه نفخة من روح الله هي الَّتي جعلت من سُلالة الطِّين إنساناً، ومنحته خصائص ميَّزته عن غيره من المخلوقات.
وهكذا تستمرُّ الآية الكريمة في التَّعريف بحلقات السِّلسلة التكوينية لخلق الإنسان. فمن التُّراب إلى النُّطفة ومن النُّطفة إلى العَلَقة ومن العَلَقة إلى المُضْغَة، حيث تكبر تلك النقطة العالقة، وتتحوَّل إلى قطعة من دم غليظ مختلط على هيئة مضغة لا تحمل سمة ولا شكلاً.
فقد جاء في الصحيح عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: حدَّثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن أحدكم يُجمع خلقه في بطن أمِّه أربعين يوماً نُطفةً، ثمَّ يكون علقة مثل ذلك، ثمَّ يكون مُضْغَة مثل ذلك، ثمَّ يُرسل الملك فينفخ فيه الروح، ويُؤْمَر بأربع كلمات: بكَتْب رزقه وأجله وعمله وشقيٌّ أو سعيد..»؛
وهذه الكتابة ليست كتابة إجبار وقهر، ولكنَّها كتابة علم بما سيكون عليه هذا المخلوق في المستقبل، فالإنسان مخيَّر في أقواله وأفعاله ومعتقداته وليس مسيَّراً ولا مجبراً. فهذا الإنسان ذو الخصائص المتميزة، والَّذي يشبه جنينه جنين الحيوان في أطواره الجسدية، ومع ذلك فإنه ينشأ خلقاً آخر، ويتحوَّل إلى مخلوق مستعدٍّ للارتقاء (المعرفي والرُّوحي)، بينما يبقى جنين الحيوان في المراتب الدُّنيا، مجرَّداً من خصائص الارتقاء والكمال الَّتي يمتاز بها الإنسان.
ثمَّ يخبرنا تعالى عن عظيم حكمته، فقد جعل أعمار الناس متباينة كتباين صفاتهم وسماتهم؛ فمن الناس من يُتوفَّى شابّاً، ومنهم من يطول به العمر؛ فيصبح صفحة مفتوحة للتدبُّر، فبعد العلم والرُّشْد وبعد الوعي والاكتمال.

3 – الغاية من خلق الله
سورة الذَّاريات (الايات 56- 58)

قال الله تعالى: {وما خَلَقتُ الجنَّ والإنس إلاَّ لِيَعبُدون(56) ما أُريدُ منهم من رِزقٍ وما أُريدُ أنْ يُطْعِمُون(57) إنَّ الله هو الرَّزَّاقُ ذو القُوَّة المتين(58)}
سورة الإنسان الايات (1-2)
وقال أيضاً: {هل أتى على الإنسان حِيْنٌ منَ الدَّهر لم يَكن شيئاً مذكوراً(1) إنَّا خَلَقنا الإنسان من نُطفةٍ أمْشَاجٍ نَبتلِيهِ فجعلناه سميعاً بصيراً(2)}
فمن خلال هذه الآيات وما سبقها يتبيَّن لنا أن الله تعالى قد خلق الناس وأوجدهم ليمتحنهم ويختبرهم أيُّهم أخلص عبوديَّة له، وأحسن عملاً لنفسه، مع علمه الأزلي بما هو كائن وبما سيكون منهم.
وهنا قد نجد من يقول: لماذا الاختبار، ولماذا الثواب والعقاب والنتيجة معروفة لله تعالى مسبقاً؟ والجواب: أن الاختبار مرتبط بعلم الله الأزلي بما هو كائن وبما سيكون، وإن عقل الإنسان وسلوكه هما نواة الاختبار ومادته، فلا عمل دون قرار وإرادة من الإنسان، ولذلك فلا حساب على من فَقَدَ عقله. ولولا وجود ذلك الاختبار، وظهور نتيجته، لساء العبدَ أن يُحكَم سلفاً دون أن يُبتلى ويُختَبَر.
ولكن حكمة الله تعالى قضت بالامتحان والابتلاء سدّاً لهذه الذَّريعة على العصاة والكافرين، إنه هو العليم الحكيم سبحانه وتعالى عن الظلم علوَّاً كبيراً.
وتجدر الإشارة في خاتمة هذا البحث إلى أن العلاقة الَّتي تربط بين الغاية من خلق الإنسان والغاية من خلق غيره، هي علاقة تستوجب التأمُّل والتفكير. فالله عزَّ وجل أنعم على الإنسان بنعمة الإيجاد أوَّلاً، وبتوالي الإمداد ثانياً، فسخَّر له ما في الكون جميعاً منه.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://madrasttarrasst.yoo7.com
 
التصور القرآني لمسالة خلق الإنسان
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الإنسان والفطرة
» الإسلام و حقوق الإنسان
» الإنسان كائن ثقافي
» العقل ميزة الإنسان
» حقوق الإنسان كما قررها الاسلام

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى مدرسة المسجد الكبير العلمية العتيقة بتراست  :: المواد الموازية :: الفكر الاسلامي-
انتقل الى: