مع أعلام المنطقة التراستية : سيدي عمر حمايمو .
أحد أعلام علماء أغرق بلدات هذه المنطقة ؛ بلدة تراست الملتحقة ببلدية إنزكان في التقسيم الإداري الأخير وهي بلدة إسسها الشريف : الولي الصالح المجاهد سيدي أحمد بن مَحمد بن علي الإدريسي القائد الميداني للمجاهدين ، الذي تولى قيادة الجهاد ضد البرتغاليين والإسبان المحتلين لعدد من الثغور المغربية خصوصا البحرية منها في القرن السادس الميلادي ما بين 1517ــ1539 في عهد أبي العباس مولاي أحمد الأعرج السعدي حيث مولته الدولة السعدية بالعتاد والمؤن وأقطعة الأراضي الواقعة شرق خليج أكدير حتى استشهد في معاركه مع البرتغال مع كثير من المجاهدين شرق حصن" فونتي" المطل على ميناء أكدير بموقع يسمى" تلضي" ، وبنى له مشهد يقصد للزيارة والتبرك ، وبجواره مقبرة شهداء تلك الحقبة .
وتعتبر بلدة تراست معقل الشيخ سيدي أحمد أمحمد من أقدم النقط التي عرفت تجمعا سكانيا بالمقارنة مع البلدات المجاورة ، كما يؤكد ذالك رسوم وظهائر شريفة توجد بحوزة أهلها ، والتي تشير إلا أن تاريخ تراست يرجع إلى عدة قرون خلت ، وقد أشار إلى هذا " ذ: عبد الحميد مرادي " في مخطوطه " لمحات من تاريخ سوس " .
حيث قال : " ولما جاءت الدولة السعدية ، وجاهد الناس تحت لوائها وطردت البرتغاليين من السواحل المغربية ؛ هبط الناس من الجبال متسابقين إلى امتلاك الأراضي بالسهول خصوصا بالسهل الجنوبي …… واقتطعت الدولة السعدية أراضي شاسعة لبعض المجاهدين كجد التراستيين الذي كان سيف البحر من أكدير إلى مصب وادي سوس إقطاعا له ، كما تشهد بذالك أحفاده إلى اليوم "ص38 من لمحات تاريخ سوس" . [1]
وفي هذه البلدة التي تسمى تراست التي هي أقدم بلدة في ولاية أكدير ؛ خلف الشريف المذكور أولاده وحفدته محترمين ، ولشرفهم الأصيل وإخلاصهم في وطنيتهم وخدمتهم للعلم وأهله ؛ أسدل عليهم العديد من ملوك الدولة العلوية الشريفة أردية التوقير والاحترام وحرروا منذ عهد جدهم إلى اليوم من الكلف المخزنية بعدة ظهائر شريفة ، سيعزز بها هذا البحث في محور الوثائق بحول الله.[2]
ولكون البلدة الزاوية؛ من أقدم المجمع السكني في المنطقة ، فمسجدها المتطور مع توسع العمران وكتابه القرءاني الذي تحول إلى مدرسة قرءانية ثم علمية في المنطقة ، ولعبت أدوارا طلا ئعية في خدمة الاسلام ومحاربة الجهل والبدع ، وبلغت أوجها في عهد أحد حفدة الشيخ المذكورأعلاه ، وهو الفقيه المقرء المتفاني في عمارة مدرسة الزاوية والمتخرج على يديه الكثير من القراء والأئمة والعلماء :
2 ـــ من وثائق وبحوث ومخطوطات سيعزز بها هذا البحث في محور الوثائق . 1 ــ جوانب من الحياة .
.
" فسيدي عمر حمايمو " المعروف بأنه أحد المقرئين الأفذاذ الذي عده العالم المؤرخ سيدي المختار السوسي في موسوعته المعسول ؛ أحد علماء القراءات في قبيلة "كسيمة "حيث قال : في ترجمة سيدي علي السباعي الكسيمي نحو "1260/1332" فكان هذا الشيخ علي السباعي وسيدي إبراهيم وعبد الله الركَراكَيان وسيدي عمر حمايمو الذي نحن بصدد ترجمته؛ التراستي وسيدي علي بن عبد الملك وسيدي علي نحادوش وسيدي عبد القادر الإنزكاني ، وقال في حقهم : هؤلاء هم الذين يذكرون في عالم القراءات في جيلين وسط قبيلة كسيمة التي كانت القراءات مستفحلة في مساجدها ، فما من مسجد إلا وفيه عشرات من التلاميذ يأخذون عن هؤلاء . ا ه [1] نقلنا هذا لنتعرف على مكانة هذا العالم الموثق الذي نحن بصدد ترجمته ولكوننا معينين حينه في مدرسته .
ولادته ونسبه :
هو الشيخ المقرئ الموثق سيدي عمر بن أحمد بن مَحمد بن أحمد بن عبد الله بن إبراهيم بن عبد الله بن الولي الصالح سيدي أحمد بن أمحمد الولتيتي أصلا السملالي الترستي الإكسيمي وقته هذا ما كتبه المترجم بخط يده في نهاية نسخه لكتاب مخطوط يسمى : المجموع جمع فيه الشيخ محمد أعجلي المتوفى يوم 12/1/1271ه [2] كلمات القرءان المتشابهة من البداية إلى النهاية ، بستحق هذا الكتاب أن يطبع ، ولادة الشيخ أيضا بخطه نحو 1267 ــ 1353 .
وقد اشتهر عنه أنه كان يمول الطلبة من ريع فلاحته ، وكان رجلا عصاميا لا يتكل في تسيير أملاكه الواسعة على أحد ، وكان حازما في كل شؤونه سواء فيما يتعلق بالتعليم والتثقيف ، أو في تسيير شؤون الزاوية أو في فلاحة أرضه ، وتشهد بمكانته الاجتماعية والعلمية وثائق أهل بلدته تراست بالخصوص وكسيمة على العموم ، وكان موثقا بارعا وبخط جميل [3] .
وفي كتاب ألواح جزولة لسيدي محمد العثماني رحمه الله ؛ بعض وثائق بخط يده "ص" .160
مشيخته :
لم نطلع لحد الآن على شيوخه إلا أن مكانته العلمية وشهرته بعلم القراءات يدلان على أنه تمشيخ على يد الراسخين في العلم.
تلاميذد البارزون :
الأول : منهم الفقيه سيدي أحمد بن حمو بن داوود الترستي خليفته من بعده على المدرسة الترستية ، إستقدمه أهل تراست من مسجد بحي الجرف من أحياء إنزكان . [4]
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـــ المعسول للشيخ المختار السوسي ، جزء 14 صفحة 145 .
2 ـــ ج الخامس من المعسول ص 336 .
3 ـــ بعض نماذج كتاباته في محور الوثائق .
4 ـــ بحث لنيل الإجازة في علم الاجتماع للطالبة عائشة بوهوش تحت إشراف د المختار الهراس د رحمة مرقية جامعة محمد الخامس كلية الآاب بالرباط .
.الآن بترجمته في كتاب المتعة الجزء الثاني ص 85 [1] ، الثاني: الفقيه سيدي الحسن بن أحمد المعديزي التامري ،الثالث :الفقيه سيدي عبد الله التماسني التامري ند الشيخ في مكانته العلمية والاجتماعية ، الرابع : سيدي إبراهيم إميحي الحاحي ، الخامس الفقيه سيدي الحسين بن سعيد بن أحمد التراستي ، هذا ما وقفنا عليه الآن من أسماء طلبته الذين لهم سمعتهم العلمية وليس هذا القدر فحسب ، نتيجة الخمسين عاما من العمل المتواصل .
ملاحظة :
لقلة التوثيق عند السوسيين ولعدم اهتمامهم بحفظ التراث ؛ يستعصى على الباحث إستقصاء أقل القليل من كل ما يتعلق بهؤلاء الاعلام الذين ضحوا بعمرهم في سبيل نشر العلم ، وتأطير المجتمع بحيث أن جل فقهاء سوس لهم أدوار طلائعية لا في ميدان التثقيف والتعليم فحسب ؛ ولاكن في كل الجوانب الحية للأمة ، من إصدار الفتاوى والقضاء والتوثيق وفض المنازعات بالإصلاح وقطع دابر الفتن بين المتحاربين ، وقيادة الجهاد عند ما لم تكن السلطة المركزية قائمة ويتسلط العدو على الثغور ، ورجال هذه .............. حقهم التاريخ في عدم تخليد أعمالهم ليكونوا قدوة للأجيال الاحقة من بعدهم .
وأسجل هنا أن ما عرفناه عن هؤلاء الشيوخ ولمسناه عن قرب هو عدم اهتمامهم بأي مظهر من مظاهر الدنيا سواء كان ماديا أو معنويا حريصين على أن تكون أعمالهم كلها لله والدار الآخرة ، وكل ما ظهر من آثارهم بعد فبفضول الباحثين ، أما هم فلا يحبون المظاهر ولا يبالون بأي شيء من هذا القبيل ، ذكرنا هذا لكي يعذر الفقهاء السوسيون على قلة المراجع التاريخية لديهم .
وفاة الشيخ سيدي عمر حمايمو وانتقاله إلى جوار ربه .
لم يزل الشيخ رحمه الله من ريقة شيبته إلى نهاية حياته على مدى خمسين عاما إستقناه من أفواه حفدته مشمرا عن ساعد الجد تعليما وإرشادا وتوثيقا وفتاوى وتحكيما في فض النزاعات وتأطيرا لمجتمعه إلى أن أحس بقرب أجله ووصى أولاده بأن يدفن تحت شجرة في بحيرة له كان معتادا أن يصلي تحتها صلاة الضحى ، وصاهم أن يدفن تحتها فتوفي رحمه الله عام 1353 هجرية ووثيقة زواجه تحمل تاريخ 1298 ، ودفن رحمه الله في عين المكان تحت الشجرة ، والتي بدورها إنمحى أثرها بسبب تمدد العمران ، والآن يوجد قبره مع زوجته وبعض أولاده في ضريح قرب مدرسته وعلى الضريح دور سكنية لبعض حفدته ورغم مرور هذه المدة على وفاته ما زالت وثائقه المكتوبة بخط يده هي المعتمدة بين أحفاده وساكنة المنطقة الأصليين، وما زال ذكره يرن في الآذان رحمه الله تعالى وأسكنه فسيح جناته ونفعنا به وبالصالحين من عباده وجعل البركة في عقبه ءامين .
1 ــ كتاب تاريخي لقبائل حاحة للمؤلف ذ:إبراهيم إذ ابراهيم عنوانه " المتعة والراحة في أخبار حاحة" بقلم مجدد المدرسة :أحمد اليوربوعي