لسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين
حضرات السادة :
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
بسم أعضاء مكتب جمعية الخير لدعم مدرسة المسجد الكبير العلمية العتيقة بتراست وأعضاء مكتب جمعية شرفاء تراست.
أرحب بمقدمكم الكريمة ، لمشاركتنا في هذا الحفل المهيب ذكرى مولد الرسول الأعظم "ص"ذكرى عطرة عبقة بنفحات من سيرة المصطفى الكريم "ص"و [لكم في رسول الله إسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر]
وإن دل هذا على شيء ، فإنما يدل على تقديركم ومحبتكم لرسول الله "ص" ، والتي هي من حرمات الله المأمور بتعظيمها وتقديرها حق قدرها
نعم : إننا نعيش في هذه اليلة ، بأعظم ذكرى نعتز بها ونسعد بروحانيتها في كل عام مرة، ذكرى سيدنا ونبينا محمد "ص"ذكرى إشراق طلعته على هذه الأرض ، وبشرى للبشرية جمعاء ، ورحمة للعالمين كافة .
ولكي لا أطيل عليكم ياأحباب رسول الله "ص" أقف معكم ولو بعجالة عند نقطتين رئيسيتين ،الأولى : بعض دلائل محبة الرسول "ص" الثانية إطلالة على بعض نماذج محبة الصحابة للنبي "ص"
النقطة الأولى :
وهي في الحقيقة أصل عظيم من أصول الدين ، بل إن إيمان العبد متوقف على وجودها؛ ألا وهي محبة الرسول صلى الله عليه وسلم ، فلا يدخل المسلم في عداد المومنين الناجين حتى يكون الرسول "ص"أحبَ إليه من نفسه التي بين جنبيه ومن ولده ووالده والناس أجمعين ، قال الله عز وجل : [ قل ان كان ءاباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال إقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومسكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى ياتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفسقين ] التوبة 24 ] وفي الصحيحين عن أنس ض عنه قال :قال رسول الله "ص" لا يومن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده ووالده والناس أجمعين ] .
ومن الدلائل على صدق الحب لرسول الله "ص"طاعته واتباعه ، فالاتباع هو دليل المحبة الأولى ، وشاهدها الأمثل ، بل كلما عظم الحب زادت الطاعة له "ص" فالطاعة هي ثمرة المحبة ، ولذالك حسم القرءان دلائل المحبة لله ولرسوله عليه الصلاة والسلام في ءاية المحنة وهي قوله جل وعلا : [ قل ان كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم ] ءال عمران 31]
قال الحسن البصري رحمه الله : " زعم قوم أنهم يحبون الله فابتلاهم الله بهذه الآية "
وصدق القائل :
تعصي الإله وأنت تزعم حبه هذا لعمري في القياس بديع
لو كان حــبك صادقا لأطعته إن المحب لمن يحب مطيع
ومن دلائل محبته "ص" تعظيمه وتوقيره والأدب معه ، بما يقتضيه مقام النبوة والرسالة من كمال الأدب وتمام التوقير ، وهو من أعظم مظاهر حبه ، قال تعالى :[ إنا أرسلنك شاهدا ومبشرا ونذيرا لتومنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه وتسبحوه بكرة وأصيلا ] والتعزير والتوقير للنبي "ص" بمعنى التعظيم .
ومن دلائل هذه المحبة أيضا ؛ الاحتكام إلى سنته وشريعته ، فقد أقسم الله عز وجل بنفسه أن إيمان العبد لا يتحقق حتى يرضى بحكم رسول الله "ص" في جميع شؤونه وأحواله ، قال سبحانه : [ فلا وربك لا يومنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا ويسلموا تسليما ] النساء 65] .
ومن الدلائل أيضا على محبته "ص" الدَبُ عنه ، والدفاع عن سنته ، ضد كل مبطل ومشكك ، والحرص على نشرها بين الناس صافية نقية من كل ما علق بها من شوائب البدع .
ومن دلائل محبته "ص" الصلاة والسلام عليه "ص" وهذا الأمر العظيم قد جاء تفصيله في الشرع ،يقول تعالى : [ إن الله وملئكته يصلون على النبي يأيها الذيم ءامنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ] .
إخواني الحاضرين :
إن الإحتفال بذكرى مولد الرسول"ص" والاجتماع لإنشاد القصائد والمدائح وإلقاء الكلمات والدروس والمحاضرات في سيرة المصطفى الكريم "ص"، من مظاهر محبته "ص" ومحطة للتزود من معينه الذي لا ينضب .
النقطة الثانية والأخيرة: :
بعض نماذج محبة الصحابة للنبي "ص" على سبيل المثال لا الحصر.
إذا كانت محبة رسول الله "ص" متوجبة على كل مسلم ومفروضة عليه ، فإنها لدى صحابة الرسول "ص" أشد وأقوى ؛ فلقد أحب الصحابة رضوان الله عليهم الرسول "ص" حبا فاق كل حب فآثروه على المال والولد ، وقد روي أن عمر قال للرسول "ص" : والله يارسول الله لأنت أحب إلي من كل شيء إلا نفسي ، فقال رسول الله "ص" لايومن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه ، فقال عمر : فأنت الآن والله أحب إلي من نفسي ، فقال رسول الله "ص" الآن يا عمر"]
وهذا أبو بكر الصديق خليل رسول الله "ص" بينما هو جالس في ناحية من نواحي المسجد الحرام إذا به يبصر عقبة بن أبي معيط أحد روؤس الكفر متجها نحو صوب رسول الله "ص" ورسول الله "ص" يصلي ؛ فأخذ أبو بكر يترقبه فإذا هو يخلع ثوبه ويضعه حول عنق رسول الله "ص" ليخنقه ، فما أن رأى ذالك حتى انطلق كالسهم تجاه هذا الكافر ، ثم أخذ بمنكبه ودفعه دفعة شديدة ، ونجا رسول الله "ص" من كيده ، ثم أخذ يردد الآية الكريمة : [ أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينت من ربكم ] .
ومن صور إخلاصهم رضوان الله عليهم في محبته عليه الصلاة والسلام ، السعي والتنافس في محبته ، فكل منهم حريص أن بفوز بحب رسول الله "ص" له أكثر من غيره ، وهكذا اجتهدوا "ض" عليهم في محبته وإخلاص النية في وده ،روى أسامة بن زيد عن أبيه قال : " إجتمع علي وجعفر وزيد بن حارثة فقال جعفر : أنا أحبكم إلى رسول الله "ص"،وقال علي : أنا أحبكم إلى رسول الله "ص"وقال زيد : أنا أحبكم إلى رسول الله "ص"فقالوا : إنطلقوا بنا إلى رسول الله "ص"نسأله ، قال أسامة : فجاءوا يستأذنونه . فقال : أخرج فانظر من هؤلاء فقلت : هذا جعفر وعلي وزيد فقال : إئذن لهم فدخلوا ، فقالوا : يارسول الله من أحب إليك ؟ قال : فاطمة قالوا :نسألك عن الرجال فقال : أما أنت ياجعفر فأشبه خلقك خلقي وأشبه خلقي خلقك وإنك مني وشجرتي ، وأما أنت ياعلي فختني وأبوا ولدي وأنا منك وأنت مني ، وأما أنت يازيد فمولاي ومني وإلي وأحب القوم إلي ، ففضل زيدا وكرم الآخرين .
ومن حبهم له تقبيلهم جسده الطاهر ، فعندما كان الرسول "ص" يسوي صفوف المسلمين إذ لامس بطن سواد بن غزية بجريدة كانت بيده ، فانتهز سواد تلك الفرصة وقال : لقد أوجعتني يارسول الله"ص"!! فكشف رسول الله "ص"عن بطنه الشريف وقال : "إستقد مني ياسواد "،فأسرع سواد فاحتضن رسول الله"ص"ثم جعل يقبل كشحه ، ثم قال : يارسول الله ، لقد ظننت أن هذا المقام هو آخر العهد بك ، فأحببت أن يمس جلدي جلدك كي لا تمسني النار..!! .
ومن حبهم له "ص" تفضيلهم إياه على أهاليهم وذويهم ، بل أيضا على أنفسهم ؛ أخرج الطبراني عن أنس بن مالك "ض" عنه قال : لما كان يوم أحد صاح أهل المدينة صيحة وقالوا : قتل محمد ، حتى كثرت الصوارخ في ناحية المدينة ، فخرجت إمرأة من الأنصار محرمة فاستقبلت بأبيها وابنها وزوجها وأخيها لا أدري أيهم إستقبلت بهم أولا ، فلما مرت على أحدهم قالت : من هذا ؟ قالوا : أبوك ،أخوك ، زوجك ، إبنك ، تقول ما فعل رسول الله "ص"يقولون : أمامك ، حتى دُفعت إلى رسول الله "ص"فأخذت بناحية ثوبه ،ثم قالت : بأبي أنت وأمي يارسول الله ،لا أبالي إذا سلمت من عطب.
فهو "ص" الأب الحاني لكل طفل وهو الأخ العائن لكل مسلم ، وهو النصير المساعد لكل محتاج وهو السند والذخر لكل يتيم .
فهذه بعض صور من حب الصحابة رضوان الله عليهم للنبي صلى الله عليه وسلم ، لعلها تكون لنا نبراسا يضيء لنا الطريق ، فنحب رسول الله "ص" ونتبع هديه عليه السلام ونتجنب ما نهى عنه.
يقول الله جل شأنه :
[ لقد كان لكم في رسول الله إسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الاخر وذكر الله كثيرا ] سورة الاحزاب ءاية 21 ] .
وفي الختام :
لا بد من التنويه والإشادة على الغيورين من ساكنة حي تراست والمجاورين للمسجد الكبير على إحياء مثل هذه المناسبات وأمثالها وكذالك أعضاء مكتب الجمعيتي جمعية الخير لدعم المدرسة العتيقة تراست وجمعية شرفاء تراست ، على ما بذلوه من الجهد والسهر على إنجاح هذا الحفل المهيب وارتقاء به إلى المستوى المنشود حسب الإمكانيات المتاحة ،ولا ننسى ما تقدمه وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية من مجهودات مادية ومعنوية في شخص مندوبها الإقليميي والمجلس العلمي المحلي لعمالة إنزكان آيت ملول ،والسيدعامل عمالة إنزكان آيت ملول ، والمجلس البلدي لإنزكان في شخص رئيسها، والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية ، وفدرالية النسيج الجمعوي لتراست ،والسلطة المحلية والفعاليات المجتمع المدني المحلي،تحت قيادة أمير المومنين جلالة الملك محمد السادس دام له النصر والتمكين. .
[[[ وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمومنون ]]]
صدق الله العظيم
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
حرر بتاريخ : 05 ربيع الأول 1432ه
ق
15 فبراير 2010م
حسن اليوربوعي كاتب عام جمعية الخير
وحارس عام المدرسة
موضوع: كلمة بمناسبة ذكرى مولد الارسول ص 
الخميس 5 مايو - 0:49
اليومية
