التعليم العتيق بالمغرب

جاء القانون رقم 13.01 في شأن التعليم العتيق و مجموع نصوصه التنظيمية، لتجسيد مقتضيات الميثاق الوطني للتربية والتكوين للمملكة المغربية الذي يهتدي بمبادئ العقيدة الإسلامية وقيمها النبيلة الرامية لتكوين مواطن صالح متشبع بقيم الاعتدال والتسامح، الشغوف بطلب العلم والمعرفة.
ويحظى التعليم العتيق بمكانة خاصة ويتسم بانتشاره الواسع في صفوف المواطنين، نظرا لمتانته وخصوصية منهجيته وملاءمته للظروف الاقتصادية والاجتماعية.
لقد لعب التعليم العتيق عبر الانتشار الواسع للكتاتيب القرآنية والمدارس والمعاهد الإسلامية العتيقة دورا طلائعيا في التنمية الاقتصادية والاجتماعية لبلادنا، من خلال مساهمته الفاعلة في الرفع من نسبة التمدرس والتقليل من نسبة الأمية لدى فئة هامة من المواطنين في مختلف القرى والمداشر، فضلا عن إمداد البلاد بما تحتاج إليه من القيمين الدينيين والعلماء ذوي تكوين فقهي وشرعي متين.
وقد جاء القانون المذكور بهدف المحافظة على خصوصيات التعليم العتيق، واستمرار الاستفادة من مميزاته ومكتسباته الإيجابية، ورغبة في العناية به ودعمه ومساعدته وتطويره، وكذا لتمكين خريجيه من الحصول على الشهادات والمؤهلات العلمية اللازمة.
يهدف التعليم العتيق إلى تمكين التلاميذ والطلبة المستفيدين منه من إتقان حفظ القرآن الكريم، واكتساب العلوم الشرعية، والإلمام بمبادئ العلوم الحديثة، وتنمية معلوماتهم ومعارفهم في مجال الثقافة الإسلامية وضمان تفتحهم على العلوم والثقافات الأخرى في ظل مبادئ وقيم الإسلام السمحة.
تشتمل الدراسة بالتعليم العتيق على خمسة أطوار: طور التعليم الأولي، طور التعليم الابتدائي، طور التعليم الإعدادي، طور التعليم الثانوي، ثم طور التعليم النهائي. تتوج الأطوار بحصول الطالب على شواهد متناسبة مع مستواه الدراسي والعلمي.
تستغرق المادة بكل طور من أطوار التعليم العتيق نفس مدة الدراسة بكل طور من أطوار الدراسة المماثلة لها بالتعليم العمومي. ويلزم أن تتضمن البرامج الدراسية المطبقة بمؤسسات التعليم العتيق حصصا إلزامية من المواد المقررة بمؤسسات التعليم العمومي في حدود الثلثين من الحصص المخصصة لهذه المواد بما في ذلك مادتي اللغات والرياضيات والرياضة البدنية .
تدرس برامج التعليم الأولي العتيق بالكتاتيب القرآنية، وبرامج التعليم الابتدائي والإعدادي والثانوي بالمدارس العتيقة، وبرامج التعليم النهائي بجامع القرويين والجوامع الأخرى ومؤسسات التعليم النهائي العتيق.
يخول القانون الحق للأشخاص الذاتيين أو المعنويين من القطاع الخاص أو العام بفتح مؤسسات للتعليم العتيق، شريطة المحافظة على الطبيعة الدينية لهذه المؤسسات.
ويتطلب فتح مؤسسة للتعليم العتيق أو توسيعها أو إدخال تغييرات عليها من قبل الأشخاص الذاتيين أو المعنويين ضرورة الحصول على ترخيص مسبق في هذا الشأن، تبث فيه وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، بناء على تقرير مفصل ترفعه مندوبية الشؤون الإسلامية المعنية، خلال مدة أقصاها ستون (60) يوما ابتداء من تاريخ إيداع الطلب، وكل رفض للطلب من قبل الإدارة يجب أن يكون معللا.
وقد نص القانون على عقوبة مالية تتراوح بين ألف (1.000) درهم إلى خمسة آلاف (5.000) درهم، علاوة على إغلاق المؤسسة، ضد كل من أقدم على فتح مؤسسة للتعليم العتيق أو توسيعها أو إدخال تغيير عليها دون ترخيص مسبق.
كما يعاقب بنفس العقوبة السالفة الذكر كل من رفض الخضوع للمراقبة التربوية، أو عرقل القيام بذلك. وفي حالة العود، ترفع العقوبة بالغرامة المشار إليها إلى الضعف.
ولتفعيل المراقبة تتم معاينة المخالفات من لدن موظفين محلفين تختارهم الإدارة لهذا الغرض، علاوة على ضباط الشرطة القضائية.
ومن الشروط التي فرضها القانون على مؤسسات التعليم العتيق، عدم جواز الإقدام على إغلاق مؤسسة قبل نهاية الموسم الدراسي، إلا في حالة حدوث قوة قاهرة تحول دون استمرار المؤسسة في نشاطها خلال الموسم الدراسي، أو في حالة عجزها على الاستمرار بوسائلها الخاصة، وهنا تتخذ الإدارة التدابير اللازمة لضمان تسيير المؤسسة وتأمين استمرار الدراسة بها إلى نهاية الموسم الدراسي الجاري على الأقل.
ومقابل الالتزامات السالفة الذكر، يمكن للدولة أن تضع مجانا رهن إشارة مؤسسات التعليم العتيق محلات ملائمة لحاجات هذا النوع من التعليم، وتخصيص مساعدات لفائدتها قصد تحسين جودة أدائها والارتقاء به، كما يمكنها دعم هذه المؤسسات بأطر تربوية تتكفل بتأدية أجورهم أو مكافآتهم.
ولا يقبل تقديم أي طلب للاستفادة من المساعدات إلا بعد مضي 6 سنوات على الأقل من تاريخ افتتاح المؤسسة.
ومن الالتزامات الملقاة على عاتق مؤسسات التعليم العتيق، الخضوع لمعايير التأطير والتجهيز وللبرامج والمناهج المقررة لكل طور من أطوار الدراسة، كما تتقيد بتوفير الشروط الصحية والوقائية التنظيمية، من خلال المشاركة الفعلية في الحملات الصحية التي تدخل في إطار البرامج الوطنية للمراقبة الصحية، وذلك بتنسيق مع المصالح المكلفة بالصحة المدرسية.
كما تخضع مؤسسات التعليم العتيق لمراقبة تربوية تتمثل في السهر على تقيدها بالبرامج الدراسية والمناهج التربوية، إضافة لمراقبة إدارية تتمثل في فحص الوثائق المتعلقة بالمؤسسات ومستخدميها التربويين والإداريين والأطفال والتلاميذ والطلبة وكذا تفتيش المرافق التابعة للمؤسسة .
أما بخصوص العاملين بمؤسسات التعليم العتيق والمدرسين بها، فينبغي أن يكونوا مسلمين من جنسية مغربية متمتعين بحقوقهم المدنية ، متوفرين على المؤهلات التربوية، و ألا يقل عمر المديرين عن 25 سنة وعمر المدرسين عن 20 سنة، أن يثبتوا بشهادة طبية مصادق عليها من لدن السلطات الطبية المختصة سلامتهم الصحية لمزاولة المهنة.
ولتتبع وضعية التعليم العتيق، واقتراح التدابير الكفيلة بتطويره والنهوض بمؤسساته، تم إحداث لجنة وطنية للتعليم العتيق تتكون من ممثلي السلطتين الحكوميتين المكلفتين بالتربية الوطنية والتعليم العالي وممثل عن المجالس العلمية.
كما تم إحداث لجنة جهوية على صعيد كل جهة من جهات المملكة، تتكون من ممثلين عن الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين والمجلس أو المجالس العلمية الجهوية والجامعة أو الجامعات المتواجدة بالجهة. وتتكلف كل لجنة جهوية بالسهر على تطبيق توجيهات اللجنة الوطنية وتوصياتها ، تتبع أوضاع مؤسسات التعليم العتيق واقتراح كل إجراء يهدف إلى تحسين مردوديتها التربوية، إبداء الرأي في المشاريع والمقترحات الهادفة إلى النهوض بالتعليم العتيق المعروضة عليها من لدن اللجنة الوطنية.
تحدث لدى كل لجنة جهوية للتعليم العتيق هيئة علمية تتألف من المندوب الجهوي للشؤون الإسلامية ، ممثل عن المجلس العلمي المحلي المعني، ممثل عن الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين ، إضافة لأقدم مدير مؤسسة للتعليم العتيق الخاص بالجهة، وتكلف الهيئة المذكورة إبداء رأيها في الطلبات التي يمكن لمؤسسات التعليم العتيق تقديمها قصد الاستفادة من الامتيازات والمساعدات التي تمنحها الدولة.
وتعقد اللجنة الوطنية واللجان الجهوية اجتماعاتها مرتين على الأقل في السنة، في مستهل كل سنة دراسية وعند نهايتها وكلما دعت الضرورة، وذلك بمبادرة من رئيسها أو بطلب من أحد أعضائها.
ولدعم مؤسسات التعليم العتيق، تنظم وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بكيفية دورية وبصفة مجانية حلقات دراسية ودورات تكوينية لفائدة المسؤولين والعاملين بالمؤسسات المذكورة، قصد تأهيلهم والرفع من مستوى أدائهم، وذلك بتنسيق مع الهيآت العلمية، ووفق شروط تحدد ضمن اتفاقيات بين الإدارة وهذه المؤسسات.

كل ما جاء في منظومة التعليم العتيق الجديد ، جميل وجيد إلا أن هناك بعض الإشكالات منها أن التعليم العتيق له خصوصيات ثابتة لا يمكن تجاهلها والمنظومة لحد الآن تتخبط في العشوائية في تفعيلها .
ربما لأنها ما زالت في الفترة الإنتقالية بين مد وزجر .
أتمنى أن لاتطول وأن لا تجهل خصوصيات مدارس التعليم العتيق بالمغرب .


وفقك الله