نبذة عن زاورية أسكار مدشر الفقيه اليوربوعي ومسقط رأسه

*زاوية أسكار *

من العقوق ونكران الجميل أن تأويك أرض وتحتضنك فيجعلها الله موطنا ومسقطا وتمنحك من نسيمها ومناخها وتتبناك بانتسابك إليها ؛وتعطيك حق المواطنة وعلى بساطها ترعرعت وفي كتابها تتلقى مبادئ التعلم،وبانتسابك إليها تعرف،أليس من حق هذه البلدة أن تعرف بها كما عرفت بك وتشرفها كما شرفتك وتحتضنها كما احتضنتك،فكم رأينا من أناس تنكروا لموطنهم الأصلي بعد أن لحظتهم عين الحظ فاستغنوا بعد فقر وتعلموا بعد جهل واعتزوا بعد ذل،إن دل هذا على شيء فإنما يدل على الخيانة وضعف الشخصية،والكريم لايتنكر لأصله فإن كان هذا الأصل سواء كان أرضا أو نسبا غير رفيع فارفعه بهمتك وعملك وعزيمتك ليفتخر بك،وإن كان رفيعا فكن في مستوى انتسابك إليه لتزداد مكانتك،فما أكثر ضعفاء النفوس وما أكثر الببغاوات الذين ينظرون بعين الاحتقار لما عندهم ولو كان حسنا لاهثين وراء ما عند الغير ولو كان أقبح ما في الوجود.
فلننظر إلى قدوتنا المثلى والأسوة العظمى سيدنا محمد ص عندما هاجر من مكة إلى المدينة؛ألقى نظرة وداع على مكة قائلا : " والله إني لا أخرج منك وإني لأعلم أنك أحب أرض الله إلى الله وأكرمها على الله ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت."[1]
ولما استقر بالمدينة دعا لها قائلا:"اللهم حبب إلينا كما حببت إلينا مكة وأشد وبارك لنا في مدها وفي صاعها وانقل وباءها إلى الجحفة ."[2]
هكذا تكون المواطنة وهكذا يكون الوفاء،كل أرض احتضنتك وعشت على ظهرها قابلها بالبرور والوفاء وإن كان الموطن الأول هو الأولى بأن لاينسى لأنه مسقط رأسك وموطن أجدادك وءابائك كما قال الشاعر:
كم منزل في الأرض يالفه الفتى * وحنينه أبدا لأول منزل
وإن لم يكن فيه إلا صلة الرحم والترحم على الوالدين والأجداد فأعظم به ثوابا وأجرا وذخرا،وقد أجاد من قال :
زر والديك وقف على قبريهما * فكأ نني بك قد نقلت إليهما
قال العبدري في رحلته :
بغداد قفر إذا لم تحولي سكنا * والقفر بغداد إن أهلي بها فطنوا [3]
[1 و2]نور اليقين للشيخ الخضري ص 280 نفس المرجع ص89
[3] الرحلة العبدرية.


فقد كان النبي عليه السلام يزور بقيع الغرقد بالمدينة ويسلم عليهم ويستغفر لهم وأذن له بزيارة أمه بالإبواء،فعن سليمان بن بريدة عن أبيه ض عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"كنت نهيتكم عن زيارة القبور فقد أذن لمحمد في زيارة قبر أمه فزوروها فإنها تذكر الآخرة " رواه الخمسة إلا البخاري واللفظ للترمذي [1].
ومن هذا المنطلق أريد أن أعرج على التعريف بالزاوية حسب ما سمعته وعلمته وشاهدته،أم المستندات التي هي الحجة لدى المؤرخين فإنها على ما في علمي معدومة أو مقبورة عند من لا يقيم لها وزنا ولا يعرف لها معنى وهذا هو ءافة العلم والتاريخ وإنا لله وإنا إليه رجعون.
*موقعها الجغرافي*
تقع الزاوية فوق جبل منبسط شيئا ما في حدود قبيلتين متجاورتين "هلالة وآيت مزال"فحدها قبلة ويمينا مدشر" سَيْصِّيضْ"ومدشر "الأحد آيت مزال"من قبيلة آيت مزال وجوفا وشمالا مدشر"تِفْشْتْرَارْ"وجبل:تَجْعْمُوْمتْ"وهو جبل شامخ كحاجز طبيعي بين القبيلتين على جهة الشمال من قبيلة هلالة،وهي زاوية وإن كانت متواضعة بالنسبة للزوايا المشهورة إلا أنها محترمة،وكانت القبيلتان تتنازعانها للشرف بانضمامها إليها فمرة تنتمي لهلالة ومرة لأيت مزال حسب الغلبة،وذالك قبل الاستعمار في أيام الفتن،فمن غلب .... وهي دائما تلعب دور الحكم بين القبيلتين وبين الأفراد والجماعات وحينما جاء الاستعمار وجدها منضمة إلى قبيلة آيت مزال وبقيت على حالها للآن،وتقع إداريا الآن في جماعة آيت مزال دائرة آيت بها عمالة شتوكة آيت بها،أرضها فلاحية بورية وتنبت شجر الهرجان وشجر اللوز قديما قبل أن تتوالى هذه السنون العجاف،ونبات الصَّبَّار يعني "تَكْنَرِتْ"بلهجة تشلحيت،وينقسم المدشر إلى جزأين؛جزء سفلي يسمى "إفْغْلّْ"وجزء علوي يسمى "إفْرْضَنْ"ومناخ تلك المنطقة جاف لاماء في الزاوية إلا ما يجود به المطر فيخزن في خزانات متوسطة تسمى "النطافي"مفرده نطفية،ولاكن هناك واد يبعد عن الزاوية بنحو كيلومترين،وفيه عين ماء منه جلب الماء الآن إلى الزاوية بفضل الله وبمجهود جمعية تسمى "جمعية زاوية أسكار للتنمية"كونها شباب الزاوية بمؤازرة الساكنة،وبالنظر للآثار القديمة والأطلال المتناثرة حولها؛فإن الزاوية موغلة في القدم وكثيرة السكان خلاف ما وجدناها عليه إذلايتعدى أسرها الآن ثلاثين أسرة،مؤسس الزاوية على ما في مشجر فجد آيت الطالب هو
[1]التاج الجامع للأصول ج الأول ص 381.

صاحب المشهد المتواضع في مقبرة الزاوية شرقا سيدي أحمد بن يعقوب ولم نعثر للآن بعد على ما يزيل الغطاء عن هذا المسيد في أي تاريخ هو وهل هو من العلماء أو من الفضلاء فقط،إلا أنه من سلالة سيدي "وكاك"بينهما عشرة ءاباء،وسيدي وكاك هو الحادي عشر،وإذا عرفنا بأن الشيخ سيدي وكاك توفي 430 هـ على ما في كتاب القرطاس ونقله عنه صاحب المعسول فإذا جعلنا لكل أب مثلا ستين عاما إستنادا إلى قوله ص "عمر أمتي ما بين الستين إلى السبعين الحديث"فإنه بهذا التخمين يوجد في القرن إما العاشر أو الحادي عشر والله أعلم[1]بالحقيقة ونعوذ بالله من الرجم بالغيب،المهم أن الزاوية قديمة ومنها انتقل أهل" تدارت"في "هشتوكة"على ما هو معلوم ومشهور عند من إلتقينا معهم من شيوخ الزاوية وأهل تدارت، حتى إنها تسمى "بتدارت وسكار"وهذه التسمية كما قال في ترجمة سيدي علي الأسكاري ج8ص22 ــ قال و"الأسكاريون" هؤلاء إنتقلوا من "أسكَّار" محل في سملالة ويرفعون أيضا نسبهم إلى" وكاك".


ملاحظة:
هذه النبذة اليسيرة من كتابات الفقيه اليوربوعي الجليل