منتدى مدرسة المسجد الكبير العلمية العتيقة بتراست
دروس فس الفلسفة لسنة الاولى ثانوي عتيق 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة / انت غير مسجل في هذا المنتدى يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا دروس فس الفلسفة لسنة الاولى ثانوي عتيق 829894
ادارة منتديات مسجد الكبير لتراست دروس فس الفلسفة لسنة الاولى ثانوي عتيق 103798
منتدى مدرسة المسجد الكبير العلمية العتيقة بتراست
دروس فس الفلسفة لسنة الاولى ثانوي عتيق 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة / انت غير مسجل في هذا المنتدى يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا دروس فس الفلسفة لسنة الاولى ثانوي عتيق 829894
ادارة منتديات مسجد الكبير لتراست دروس فس الفلسفة لسنة الاولى ثانوي عتيق 103798
منتدى مدرسة المسجد الكبير العلمية العتيقة بتراست
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى مدرسة المسجد الكبير العلمية العتيقة بتراست

التواصل مع المدرسة : madrasttarrasst@gmail.com
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 دروس فس الفلسفة لسنة الاولى ثانوي عتيق

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin
Admin
Admin


عدد المساهمات : 583
نقاط : 11949
تاريخ التسجيل : 24/04/2010
العمر : 45

دروس فس الفلسفة لسنة الاولى ثانوي عتيق Empty
مُساهمةموضوع: دروس فس الفلسفة لسنة الاولى ثانوي عتيق   دروس فس الفلسفة لسنة الاولى ثانوي عتيق I_icon_minitimeالأحد 7 أكتوبر - 14:06

نشأة الفلسفة

معنى الفلسفة.
المعنى التداولي: عرفت الفلسفة عبر تاريخها تعريفات متعددة اختلفت في تحديد معناها، كان جلها قدح وتنقيص من قيمتها وأهميتها من قبيل أنها ضرب من الزندقة والكفر والإلحاد تعمل على ترسيخ فكرة نكران الله وعدم الاعتراف بالدين، وأنها كلام فارغ لا طائل منه سوى مضيعة الوقت...
المعنى اللغوي: كلمة الفلسفة كلمة يونانية الأصل (Philosophia) وتتكون من مقطعين (فيلو Philos: محب / صوفيا Sophia أي حكمة، وبذلك كلمة (فيلوصوفيا) تعنى (محب الحكمة). وليس المقصود بالحكمة هنا سداد الرأي وكيفية التدبير، وإنما المعرفة والنظر في المسائل الكبرى للكون بقصد الوصول إلى عللها ومبادئها.
الفلسفة إذن هي العلم الكلى الذي يبحث في أصول وغايات الكون والطبيعة والإنسان، وغاية هذا العلم النهائية كشف الحقيقة لذاتها. وبذلك كان فيثاغورس (572 _ 497ق.م) أول حكيم وصف نفسه من القدماء بأنه فيلسوف، وعرَّف الفلاسفة بأنهم الباحثون عن الحقيقة بتأمل الأشياء، فجعل حب الحكمة هو البحث عن الحقيقة، وجعل الحكمة هي المعرفة القائمة على التأمل.
أهمية الفلسفة للفرد.
- تعمل الفلسفة على إشباع رغبة الفرد للمعرفة والتأمل وحب الإستطلاع وذلك من خلال الإجابة على التساؤلات التي تدور في ذهنه مثل وجوده وهويته وقيمته.
- تساعد الفلسفة الفرد على مواجهة المشكلات ومحاولة البحث عن حلولها، وأيضا اكتساب الكثير من المهارات العقلية و توسع آفاق العقل.
- تساعد دراسة الفلسفة على التخلص من الجمود العقلى وذلك عن طريق:
* التعود بالتدريج على فحص آراء الآخرين.
*إعادة بناء معتقداتنا وآراءنا من جديد.
- تنمية وعى الإنسان من خلال دراسة المذاهب الفلسفية التي وضعها الفلاسفة لحل المشكلات التي تواجهنا في الحياة الإنسانية.
- إقامة الإيمان الديني على أساس عقلي :
تبرهن الفلسفة أن الحقائق التي أوحى بها الله عز وجل للأنبياء تتفق مع مبادئ العقل وتعبر عنه تعبيرا صحيحا، فالشرع يدعو إلى التدبر والتأمل في الموجودات لأنها تدل على الخالق، وهذا بيِّن في غير ما آية من كتاب الله مثل قوله: ] فاعتبروا يا أولي الأبصار[ سورة الحشر، الآية 2.
- تنمية القدرة على فهم بعض القيم التي يتأسس عليها نمط التفكير الفلسفي، كالتسامح والسلم والعدالة الحق والتضامن وغيرها...ومن أشهر الفلاسفة نذكر على سبيل المثال: الفيلسوف اليوناني سقراط، والفيلسوف العربي ابن رشد، والفيلسوف الفرنسي ديكارت.
لقد أبرز "جون بيير فيرنان" في كتابه "بين الاسطورة والسياسة" أنه مع ظهور المدينة ولأول مرة في تاريخ البشرية صارت القضايا المشتركة بين الناس غير خاضعة للحسم، وأن القرارات المتعلقة بالمصلحة العامة لا يمكن أن تتخذ إلا بعد نقاش وسجال علني مدعما ببراهين وحجج، وصار من حق كل مواطن من مواطني الدولة / المدينة أن يعبر عن آرائه في قضايا الشأن العام، ويشارك بصوته في الساحة العمومية التي كانت بمثابة جمعية عمومية ذات مهام تشريعية تسمى بالأغورا Agora. التي شكلت مركزا إداريا ودينيا وتجاريا في الدولة المدينة. تتخذ فيها القرارات الأساسية في المجتمع الإغريقي القديم.
إذن تعتبر نشأة الفلسفة حدثا تاريخيا يونانيا امتد من القرن السابع إلى القرن الرابع قبل الميلاد. وقد ارتبطت هذه النشأة بتفاعل مجموعة من الشروط الثقافية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية من أبرزها: ظهور خطاب جديد مكتوب ومنظم يعتمد على الحجة والبرهان (اللوغوس) بدل الكلام الملفوظ الذي يعتمد على السرد الخيالي (الميتوس).
- ظهور نظام سياسي ديمقراطي هو نظام الدولة المدينة.
- ظهور العملة بدل المقايضة والتطور الملاحي والتجاري.
بداية فعل التفلسف عند اليونان
بعد إثبات تاريخية العقلانية اليونانية، لابد وأن نرصد المميزات التي اتصفت بها البدايات الأولى للقول الفلسفي عند اليونان، خاصة مع السابقين عن سقراط والذين يسمون بالحكماء الطبيعيين. وقد اشتهر "طاليس" بكونه أول حكيم يوناني فسر أصل الوجود بالماء، واعتبر الماء المبدأ النظري الأول الذي تشكلت منه الطبيعة، ويبرز هذا من خلال قولته المشهورة " العالم يأتي من المحيط ويعود إلى المحيط" أي أن الماء أصل كل الأشياء. أما هيراقليدس فقال بأن أصل العالم نار واعتبر آخرون بان أصله هواء أو تراب، وبالتالي فغن العالم يحتوي على عناصر أربعة ( ماء- نار- هواء- تراب)، وهي علل مادية، أما أنكساغوراس فهو من اكتشف العلة المحركة وهي العقل.إن طاليس تمكن من أن يبرهن بمجموعة من الحجج على أن أصل العالم ماء، لكن برهنته هاته لم تقنع أولئك الذين كانوا يستمعون إليه ويستفيدون من نظرياته وهم تلامذته، ومن بينهم أنكسمندرس الذي كتب جوابا مخالفا لأستاذه طاليس يبرز موقفا مخالفا وهو أن ( أصل العالم اللامحدود)، أما أنكسِمانس فقال بأن ( أصل العالم هواء)، وبهذا فبدايات الحكمة سترسخ أن الفكر حوار وبرهنة وحجج .
لقد كان الفكر في مرحلته الأولى حكمة لأن الحكماء حاولوا النظر على الوجود نظرة كلية متكاملة وفسروا الوجود بعناصر من الوجود، تسمى بالأيونات أو الأسطقسات وهي ( الماء – النار- التراب- الهواء). ونعت هؤلاء الحكماء أيضا بالطبيعيين لأنهم كما أشرنا فسروا الطبيعة بعناصر من الطبيعة. غير أن تفسيرهم هذا، وبحثهم عن المبدأ الأول، أي المبدأ المؤسس للوجود، أو أصل الوجود، لم يكن مجرد سرد خيالي أو كلام خرافي، وإنما هو حدس فلسفي جعل الفكر الإنساني يخطو نحو مسلمات تفسر أصل هذا الوجود أو الكل أو الطبيعة.ومن أهم الحكماء السابقين عن سقراط نذكر: طاليس، أنكسِمندرس، أنكسِمانس، هيراقليدس، بارمنيدس، أنبادوقليدس، وأنكساغوراس. ويطلق عليهم " الحكماء السبعة الطبيعيين ".
وفي القرن الرابع قبل الميلاد سيتم الانتقال من الحكمة على الفلسفة مع سقراط (468-399 ق م) الذي يرجع إليه الفضل في إرساء أسس التفكير الفلسفي القائم على الحوار التوليدي "المايوتيقا"، وسيليه تلميذه أفلاطون، ثم أرسطو وغيرهم .






محطات من تاريخ الفلسفة

تمهيد: لقد سلمنا سابقا بأن ميلاد الفلسفة كان مع بلاد اليونان، غير أن الفلسفة اليونانية لا تعتبر الشكل الوحيد الذي عرفه الفكر الفلسفي الإنساني، بل لقد تعاقبت عن الحضارة اليونانية بعد أفولها حضارات أخرى مثلت هي الأخرى محطات أساسية في تطور الفكر الفلسفي، فما هي هذه المحطات؟ وبماذا اتصفت وتميزت عن بعضها البعض؟
الفلسفة اليونانية:تبدأ الفلسفة عند اليونان مع الفلاسفة الطبيعيين الأوائل حوالي القرن السابع والسادس قبل الميلاد، وكانت فلسفتهم متجهة نحو تفسير الطبيعة والبحث عن المبدأ الأول، وبعدهم جاء فريق من الفلاسفة أطلق عليهم اسم " السوفسطائيين" في القرن الخامس ق م. وعلى رأسهم جورجياس وبروتاجوراس وهيبياس.
برزت الحركة السوفسطائية كحركة تعليمية لفن الخطابة، إذ عمل رجالها على تعليم تلامذتهم فنون النجاح السياسي مقابل أجور جد مرتفعة، مما لم يساعد العامة من الشباب على أن يتعلموا على أيدي السوفسطائيين، وبالتالي اقتصر هذا النوع من التعليم على أبناء الطبقة الغنية (الأولغارشية) على وجه الخصوص، كما كانوا يروجون لإيديولوجية الديمقراطيين بعد فوزهم في موقعة " سلاميس" 480 ق م. التي نشبت بين اليونان والفرس. غير أن أكثر ما يوجد في الكتب والمراجع، أن السوفسطائيين كانوا مفسدين ومحطين للقيم والمثل العليا، لذلك عوملوا معاملة جد سيئة من أبرزها القضاء على الزعماء الكبار للقضاء على الفكر السوفسطائي، ونذكر على سبيل المثال مقتل الخطيب السوفسطائي " هيبياس" إثر مؤامرة سياسية مدبرة من طرف الأوليغارشية، وبروتاغوراس الذي أحرقت كتبه في الساحة العمومية وأُريد قتله لولا هربه.
من بين الأفكار التي كان السوفسطائيين يعملون على ترويجها؛ دعوة الإنسان إلى عدم قبول ما هو موجود من أجل الرقي، كما أن الإنسان المبدع للقوانين والدساتير مطالب باستمرار تنقيحها وتعديلها، وتجاوز الحيف والظلم ونشر المساواة بين المواطنين اليونانيين وغيرهم من الناس، وفي إطار هذه الحقيقة التي عمل السفسطائيون على إخراجعا إلى ارض الواقع عن طريق التوعية، تمكنوا من كشف الغطاء عن قوانين الأوليغارشيين التي تخدم فقط مصلحتهم، وبالتالي فهذه القوانين ينبغي أن تخضع للتعديل مادام يشوبها نوع من الحيف لتحقيق المساواة بين الإنسان اليوناني وانه لا معنى للعبودية والرق.
هذه الحقيقة السوفسطائية لم تكن لترضي الأوليغارشيين لأنها ليست في مصلحتهم، كما أحرجت الديمقراطيين الذين التحموا مع الأوليغارشية ضد السوفسطائيين، وبالتالي تشويه أفكارهم والتنكيل بهم حتى اليوم.
سقراط: عاصر المرحلة السوفسطائية، لكنه لم يخلف لنا آثارا مكتوبة نتعرف بواسطتها عليه، لكن نستطيع التعرف عليه من خلال تلميذه أفلاطون الذي يعترف أنه قضى معه عدة سنوات ويقول عنه " أجمل من رأيت وأعدل من رأيت ".
يعرف عن سقراط كثرة الحركة وعدة الإستقرار في مكان واحد، كان عمله هو توليد الأفكار، فهو يقول : أنا أمي قابلة، فهي تولد النساء وأنا أولد الرجل" وأسلوب التوليد هذا، كان يسمى ب " المايوتيقا". كما عرف عنه أنه ورث عن والده حرفة نحث التماثيل. وكان يرى أن القيم الحضارية لا ينبغي أن تكون غيبية، بل ينبغي أن تكون إنسانية مصدرها العقل، وكانت كل الأفكار التي يتوصل إليها يضعها موضع النقد والتساؤل مؤكدا أنه" كعامة الناس الذين لا يعرفون شيئا، وما يميزه عنهم أنه يعرف أنه لا يعرف شيئا" ومعنى هذا أننا لا نملك حقائق مطلقة. لهذا كان سقراط لا يتعب من طرح الأسئلة وهذا أمر فيه نوع من الحيرة لذلك نجده يقول: "إن اللوم الذي يوجه إلي لوم عادل لأني إن كنت أحير الناس فإن بنفسي حيرة كبرى". وترتبط فلسفة سقراط بنظريته حول المعرفة، حيث كان يرى أن المعرفة لا تُلقن من شخص لآخر، بل تكون عن طريق الذات" أيها الإنسان اعرف نفسك بنفسك".
أفلاطون: ينتمي سقراط إلى أسرة أرستقراطية عريقة، تعرف على سقراط وأعجب به وبفلسفته، وظل مصاحبا له إلى أن حكم على سقراط بالإعدام سنة 399 ق م.أبدى أفلاطون رغبته في بناء مجتمع عادل من خلال محاورته " الجمهورية"، كما ميز في الوجود بين عالمين: عالم مثالي يتكون من أفكار مطلقة، وعالم مادي هو عالمنا المحسوس الوهمي المزيف. لذلك فالمعرفة عند أفلاطون ليست حسية، بل حدسية نصل إليها عن طريق الرؤية غير المباشرة وهي التي يسميها بالجدل. والجدل هنا يتحقق عبر الانتقال من المحسوس إلى المعقول، لأن المحسوس لا يمكن أن يزودنا إلا بمعارف ظنية.
أرسطو: ينحدر من أسرة ارستقراطية، التحق بأكاديمية أفلاطون، وهناك تعرف عليه، وكان أرسطو يقول بأنه يحب أستاذه لكنه يحب الحقيقة أكثر الشيء الذي دفعه إلى التصدي للفلسفة الأفلاطونية. وتتميز الفلسفة الأرسطية بكونها فلسفة موسوعية، تتضمن إلى جانب الميتافيزيقا دراسات في الله والنفس والطبيعة وعلم الحياة والسياسة والشعر والمسرح والخطابة والمنطق.
الفلسفة الإسلامية:قامت الفلسفة العربية الإسلامية بعد أفول نجم الفلسفة اليونانية ودخول أوربا فترة القرون المظلمة، إذ تحول إشعاع الفكر من أوربا إلى بلاد المشرق، وقد تزامن ذلك مع ميلاد الدين الإسلامي ونزول القرآن الكريم سنة 610 م، والذي استمد منه الفيلسوف المسلم خطوط فكره وقضاياه، إلى جانب الترجمات التي عمل الحكام العرب على تشجيعها خاصة ترجمة كتب الأمم التي سبقت العرب في المدنية ولا سيما اليونان والهند وفارس. من طب وهندسة وفلسفة بفروعها المختلفة من طبيعيات وإلهيات ومنطق ونفس وسياسة وأخلاق، ولم يكتف الفلاسفة المسلمون بالترجمة فحسب بل بحثوا في الكتب المترجمة وعملوا على شرحها، وكانوا في طريقتهم متأثرين تأثرا عظيما بفلسفة أرسطو والأفلاطونية الحديثة. وأول من اشتهر من المسلمين بالفلسفة :
أبو يوسف يعقوب بن إسحاق الكندي: كان الكندي أول فيلسوف عربي مسلم، يعرف ب- "فيلسوف العرب". اشتغل في بداية حياته بالترجمة من اليونانية إلى العربية وبمراجعة ترجمات غيره. تأثر بالأفلاطونية المحدثة وبفلسفة أرسطو وبآرائه في المادة والصورة والزمان والمكان والحركة والعقل والنفس. مارس التأليف في علم الكلام على مذهب المعتزلة، و عالج موضوعات عديدة إلى جانب الفلسفة, كالطب والفلك والهندسة والموسيقى. انطلق الكندي ككل الفلاسفة المسلمين من إشكالية التوفيق بين العقل والنقل، من آثاره "إلهيات أرسطو", و "الأدوية المركبة", و"رسالة في الموسيقى".
أبو نصر الفارابي: يُعرف بالمعلم الثاني. ولد في مقاطعة فاراب من بلاد الترك سنة 261هـ، رحل إلى إيران فتعلّم اللغة الفارسية، وانتقلت به الأسفار إلى أن وصل إلى بغداد، فتعلّم فيها اللغة العربية، ودرس على أيدي كبار الأساتذة في مجال الفلسفة والمنطق وعلوم الطبيعة والرياضيات والموسيقى. تناول جميع كتب أرسطو، وسهر باستخراج معانيها، والوقوف على أغراضه فيها، وكان من أكبر فلاسفة المسلمين، ولـم يكن منهم من بلغ رتبته في فنونه، هو أوّل من حمل المنطق الصوري اليوناني تاماً منظماً إلى العرب، وكذلك هو أوّل المسلمين الذين عنوا عناية خاصة بقانون التناقض الذي يظهر به للعقل صدق قضية أو كذبها. كما حاول التوفيق بين الفلسفة والدين، من مؤلفاته : المدينة الفاضلة – تحصيل السعادة – كتاب الموسيقى الكبير ...
أبو علي الحسين بن عبد الله بن الحسن بن علي بن سينا: ملقب بالشيخ الرئيس، فيلسوف، طبيب وعالم، ومن عظام رجال الفكر في الإسلام ومن أشهر فلاسفة الشرق وأطبائه. غاية الفلسفة عنده معرفة الله، وهو يستعير من الفارابي برهان واجب الوجود لإثبات وجود الله ويفضله على برهان المحرك الأول لأرسطو. ترك ابن سينا مؤلفات متعدّدة شملت مختلف حقول المعرفة في عصره، وأهمها: الشفاء – النجاة –الإشارات والتنبيهات في الفلسفة – والقانون في الطب.
أبو الوليد محمد بن رشد: من أشهر فلاسفة الإسلام وأكثرهم أثرا في الفكر الأوربي والمسيحي، عاصر فترة من أرقى فترات الحضارة الإسلامية بالأندلس والمغرب الأقصى، زمن حكم دولة الموحدين، اشتغل ابن رشد بالقضاء وكان طبيبا في بلاط السلطان الموحدي، لقب بالشارح لشروحه على كتب أرسطو التي ترجمها وزاد عليها التعليق، حاول ابن رشد التوفيق بين الدين والفلسفة معتبرا إياهما أختان شقيقتان، فالحقيقة واحدة لا تتجزأ وإذا كانت الشريعة حقا وداعية إلى النظر المؤدي إلى معرفة الحق، فالنظر البرهاني أيضا لا يؤدي إلى مخالفة ما ورد به الشرع، فالحق لا يضاد الحق بل يوافقه ويشهد له.
نلاحظ أن كل الفلاسفة المسلمين الذين أوردناهم كنموذج للفلسفة العربية الإسلامية سواء بالمشرق أو المغرب، كلهم يعالجون من بين ما وقفوا عنده، إشكال العلاقة بين الفلسفة والدين، فكل واحد عمل جاهدا على إثبات التوافق والانسجام بين الفلسفة والشريعة ونفي الصراع والتضاد بينهما، لأن الشرع يدعو إلى الفلسفة . من هنا نلمس أن اهتمام الفلسفة العربية الإسلامية انصب على مسلة التوفيق بين الحكمة والشريعة بالأساس.
الفلسفة الحديثة:قامت الفلسفة الحديثة على تأسيس تصورات جديدة مخالفة للتوجه الذي سارت عليه الفلسفة اليونانية ولا الفلسفة الإسلامية، وقد ساهم في ميلاد هذا النوع الجديد من التفكير الفلسفي، النهضة التي عرفتها أوربا، وارتفاع الدعوات التحررية من سلطة الكنيسة، مع أهمية استعمال العقل وتحقيق الأنوار. وقد خلفت هذه الثورة الفكرية الجديدة فلاسفة أنداد، ساهموا في بناء منهج يستند إلى مجموعة من القواعد العقلية ( المنطقية والرياضية) تمكن الفلسفة، كعلم كلي، من اكتشاف معرفة يقينية لا يطالها الشك. ومن ابرز رواد الفلسفة الحديثة نذكر مثلا:
رينيه ديكارت: يعد ديكارت بحق أبو الفلسفة الحديثة، لأنه أول من استعمل العقل. عرفت فلسفته بعملية الشك التي قام بها من أجل الوصول إلى اليقين، وقد قدم حول ذلك مثال؛ أنه من أجل التعرف على التفاح الفاسد و الصالح لابد من إفراغ السلة بأكملها ثم يتم بعد ذلك ترتيبها بعد إزالة التفاح الفاسد. ومن جهة أخرى علينا لإفراغ أدمغتنا من كل الأفكار التي تعلمناها ثم إعادة ترتيبها من جديد بواسطة استعمالنا لهذا الشك المنهجي. وهو صاحب القولة الشهيرة " أنا أشك، أنا أفكر، إذن أنا موجود" ترك مجموعة من الكتب من أبرزها "مقال في المنهج" .
إذن الفلسفة الحديثة اهتمت بضرورة تأسيس طريقة جديدة تقوم على قواعد محددة لقيادة العقل وتعتمد على آليات لبناء المعرفة. ومن أبرز فلاسفة هذه الفترة، على جانب كل من ديكارت نجد اسبينوزا وكانط وهيجل وآخرون...
الفلسفة المعاصرة:ظهرت الفلسفة المعاصرة كاستمرارية للفلسفة الحديثة في الحضارة الغربية، لكن بمعطيات ومنطلقات مخالفة ومختلفة، أحيانا جاءت كرد فعل على الفلسفة العقلانية التي ميزت الفلسفة الحديثة، إذ ظهرت تيارات ومدارس فلسفية مختلفة نذكر على سبيل المثال: الفلسفة الوجودية التي تلح بشدة على إبعاد العقل عن الهيمنة على الإنسان، وتدعو إلى مبدأ حرية الإنسان، بحيث أنه حر في اختياراته وفي نفس الوقت مسؤول عن هذا الاختيار. ومن ابرز رواد هذا الاتجاه الفلسفي مؤسسه الفيلسوف الدانماركي "سوريس كيركجارد" وغابرييل مارسيل و جون بول سارتر.
إلى جانب اهتمام الفلسفة المعاصرة بالإنسان، اهتمت أيضا بقضية العلاقة بين الفلسفة والعلم، باعتبار أن النظريات العلمية فانية، لكون تاريخ المعرفة العلمية ليس فقط تاريخ تراكم وتوسع، إنه أيضا تاريخ تحولات وقطائع وانتقالات من نظرية إلى أخرى، وبالتالي فحركة العلم ليست حركة في اتجاه امتلاك الحقيقة وتوسيع نطاقها، وإنما هي حركة ناجمة عن صراع بين بلوغ الحقيقة والصراع ضد الخطأ. إلى غير ذلك من القضايا التي اهتمت بها الفلسفة المعاصرة كالفينومينولوجيا والوضعية المنطقية ومدرسة فرانكفورت.


أدوات فعل التفلسف

بعد أن تم التوقف عند نشأة الفلسفة، ومحطات من تاريخها المجيد، لا بد إذن من الوقوف عند عوامل فعل التفلسف، فما الدافع إلى التفلسف؟ هل ينبع فعل التفلسف من التساؤل أم الدهشة أم الشك أم هي مغامرة استكشافية هدفها البحث عن الحقيقة وامتلاكها؟ يعتمد فعل التفلسف على مجموعة من الآليات هي الدافع الأول والأصل لذلك، وهي التي مكنت الفيلسوف من إنتاج معرفة فلسفية، وتتضمن هذه الآليات ثلاثة مستويات هي:
الدهشة: حسب شوبنهاور تفترض في الفرد درجة أعلى من العقل، أما أرسطو فيذكر " أن الدهشة هي التي دفعت الناس إلى التفلسف" إنها ناتجة عن عدم اقتناع الإنسان بالأجوبة المألوفة والمتداولة، أو حين الشعور بالجهل والتعجب والاستغراب الذي يغري نفوس البشر بحب الاستطلاع والتساؤل الدائم.
السؤال: اشتهرت الفلسفة أول ما اشتهرت بممارسة السؤال، وأشهر من مارس السؤال في الفلسفة هو أبو الفلسفة " سقراط". غير أن السؤال الفلسفي لم يتخذ له شكلا واحدا فقط، وإنما نميز فيه بين شكلين إثنين.
يميز طه عبد الرحمن بين نوعين من السؤال الفلسفي، فهناك السؤال الفلسفي اليوناني القديم، والسؤال الأوربي الحديث.
فأما الأول، فقد كان عبارة عن عملية فحص وتمحيص، تبدأ بسؤال عام عن مفهوم ما يليه جواب ينبع عنه سؤال آخر وهكذا... وخير شاهد على هذا النوع من السؤال الفيلسوف اليوناني سقراط، التي كانت تنتهي به أسئلته التي تطول وتتشعب إلى إبراز التناقض بين أجوبة المحَاوَر. إن السؤال بهذا المعنى يولد الأفكار كما كان يقول سقراط، إنه خطاب المستقبل الذي يسعى نحو الامتلاء والاكتمال.
أما السؤال الثاني وهو السؤال الفلسفي الأوربي الحديث، يؤكد طه عبد الرحمن أنه سؤال النقد لا الفحص، لكونه يميل نحو تقليب القضايا والتحقق من تمام صدقها اعتمادا على العقل، إنه سؤال يوجب النظر في المعرفة ويقصد الوقوف على حدود العقل، وخير مثال على هذا النقد فلسفة كانط حيث سمي قرنه بقرن النقد.
السؤال الفلسفي عموما يفترض مسبقا شكا في الجواب باعتباره معرفة، وهو لا يمكن أن يطرح إلا على الشخص الذي يمتلك المعرفة.
الشك : إن امتلاك الإنسان للمعرفة لم يكن امتلاكا يقينيا، بل سرعان ما نهض الإنسان إلى فحص هذه المعارف فحصا نقديا خاصة وان هناك أحكام كثيرة تمنعنه من الوصول إلى الحقيقة، ومن المحال التخلص منها ما لم يشرع هذا الإنسان في الشك في جميع الأشياء التي قد يجد فيها أدنى شبهة من قلة اليقين. وممارسة الشك هو مُضي نحو اليقين لأنه - في أساسه- فحص نقدي صادق لكل معرفة، فليست ثمة فلسفة حقيقية دون أن يكون هنالك شك في الأصل. ونجد ديكارت من أكبر الفلاسفة وأشهرهم اعتمادا على الشك المنهجي الذي يستتبع فحصا نقديا لكل المعارف.
إن الخطاب الفلسفي بوجه عام يتشكل من آليات فكرية محددة هي الأصل في فعل التفلسف، غير أن هذا الفعل وإن كان أساسه دهشة، سؤال، شك، فإن الخطاب الفلسفي في بنائه يعتمد على مجموعة من أدوات الاشتغال يمكن أن نطلق عليها إسم أدوات منهج الخطاب الفلسفي وهي:
المفهوم والإشكال والحجاج، والتحليل والتركيب ثم النسقية.
فأما المفهوم: يعتبر المفهوم نشاط أساسي في التفكير الفلسفي وهو مدخل أساسي لتأسيس خطاب معرفي، يهدف إلى استنطاق الكلمة وتحديدها بما يكفي من الدقة حتى تصبح مجالا للتفكير الفلسفي وأداة للتفلسف، ومن أبرز الفلاسفة الذين تأسست فلسفتهم على المفاهيم، نذكر سقراط الذي كان يسأل محاوريه عن مفاهيم لم يكن يرم من تحديدها جزئيتها وإنما الإحاطة والشمول. وليس غريبا أن نجد الدرس الفلسفي يعتمد على مفاهيم يتطلب تحديد دلالتها والإحاطة بها في كليتها وليس في جزئيتها كمفاهيم اللغة، العقل، الحقيقة، الحق، الشغل...
الإشكال: يعتبر ركن أساس في التفكير الفلسفي، وهو يتكون من طرفين من السؤال أو أكثر، يمتازان بعلاقة التقابل والتضاد ويشترط فيهما الانسجام أي؛ أن يكونا من نفس الطبيعة والجنس أو الموضوع.
الإشكال إذن قضية تساؤلية تنطلق مما هو جوهري في الموضوع، هدفه إحداث التقابل والإحراج بين الطرفين " الموقفين" والهدف من هذا التقابل والتناقض هو معالجة مختلف الإجابات الممكنة. مثلا في مفهوم السعادة يمكن أن نحدث التقابل في طرح إشكالي كما هو واضح من خلال هذا الإشكال:
هل السعادة إرضاء للبدن أم للعقل أم للقلب؟
الإشكال هنا ينصب داخل نفس الطبيعة، وهو البحث عن مصدر السعادة، ويمتاز بالتقابل بين أطراف أسئلته المكونة له، والتي تتفرع إلى ثلاثة أسئلة نفصل بينها ب " أَمْ ". وتروم إحداث التقابل والتناقض بين الأطراف التي يتشكل منها هذا الإشكال، وذلك بغية معالجة مختلف الإجابات الممكنة، وبهذا نخلص أن الإشكال يهدف هو الآخر الإحاطة بالكل وليس بالجزء .
الحجاج: فكثيرا ما يقال أن حقل الفلسفة هو حقل توليد المشكلات وإثارة الأسئلة، وهو أيضا حقل تتواجد فيه الأجوبة بنفس قدر تواجد الأسئلة والإشكالات، غير أن طبيعة الجواب في الفلسفة مبرهن عليه، يقوم على الحجاج والمحاجة. وهو يتميز عن البرهان، لأن هذا الأخير يشكل خاصية للعلم، في حين يشترط الحجاج استهداف إقناع المتحاور أو المتلقي وإحداث أثر لديه، وبالرغم من هذا التمييز فإمكانية حضورهما معا في الخطاب الفلسفي واردة مع غلبة الجانب الحجاجي.
إن الحجاج تقنية يستعملها الفيلسوف من أجل حمل/ دفع أكبر عدد من ممكن من المتلقين على قبول خطابه والاقتناع بآرائه، إنه عملية إقناعية تأثيرية بطريقة عقلية. من جهة، ومن جهة أخرى، الحجاج عملية تستعمل لدحض وتفنيد أطروحة الخصوم وذلك بإظهار ضعفها أو عدم صلاحيتها ...ومن آليات الحجاج الأشكال التالية:
حجاج برهانية: حجة البرهان المنطقي، حجة البرهان الاستدلالي، حجة البرهان بالخلف.
حجاج بلاغية: توظيف التشبيه، المجاز، الاستعارة، المماثلة...
حجة توظيف المثال والأساطير والقصص...، والحجاج باللجوء إلى السلطة الموثوقة إلخ...
التحليل والتركيب: عملية التحليل في الفلسفة غايتها، تفكيك الكل إلى عناصره المكونة الواحد تلو الآخر وفق نظام وتسلسل محكم، كما يؤكد ذلك الأستاذ " مصطفى بلحمر"، وتسعى عملية التحليل إلى شرح وتوضيح وإبراز محتوى كل عنصر من تلك العناصر.
أما التركيب فهو إعادة تشكيل الكل انطلاقا من العناصر التي تم تحليلها بأسلوب خاص يسمح بتبيين أفضل للعناصر ومركزا على ما هو جوهري في الكل. أي تجميع جديد للعناصر التي تم تفكيكها وتحليلها.
وقد ألح ديكارت على عمليتي التحليل والتركيب ضمن منهج التفلسف الذي اقترحه وبالتالي فهما خطوتين ضروريتين لأنهما أساس الشرح والتوضيح والفهم والبرهنة.
النسقية: يتألف النسق من عدد من النظريات الفلسفية، تحتوي كل نظرية منها على موقف معين من مشكلة معينة، بحيث تكون كل نظريات النسق مترابطة ومتماسكة البناء. إنه – أي النسق- الإطار الفكري الكامل، الذي يربط أفكار الفيلسوف بعضها ببعض في وحدة عضوية دون أن يحتويها تناقض أو تقاطع، بل شرط النسق الفلسفي تحقيق الوحدة والانسجام بين عناصره التي يتكون منها هذا النسق...




















الفلسفة والقيم

تمهيد: من بين المباحث التي اهتمت بها الفلسفة، نذكر مبحث الأكسيولوجيا Axiologie ، أو مبحث القيم، حيث أن الفلسفة تسعى إلى إنتاج قيم إنسانية نبيلة ومثل عليا باعتبارها غايات قصوى للوجود الإنساني، وبهذا فالفلسفة لها علاقة واضحة بالواقع الإنساني ومرتبطة بحياته ومصيره.، فكيف ينظر الفيلسوف للحياة الإنسانية؟ وما هي القيم التي يدافع عنها؟
القيمة هي الخاصية التي إذا وجدت في شيء جعلته مرغوبا فيه، أو جديرا بان يكون كذلك، وأحكام القيمة هي الأحكام التي تفيد الاستحسان أو الاستهجان نتيجة خاصية حسنة أو خاصية سيئة في الإنسان، وبالتالي فالقيم التي تدعو إليها الفلسفة في إطار اهتمامها بالإنسان، هي قيم روحية معنوية تثير في النفس حب الكمال الأخلاقي وتسمو بالنفس نحو عالم الحق والخير والجمال. ومن بين هذه القيم نذكر مثلا:
التسامح : يعتبر التسامح شرطا ضروريا لإمكانية قيام علاقة أخلاقية بين الأنا والآخر، وهو يتأسس على مبدأ الاعتراف بالغير اعترافا تاما، وغايته الامتناع عن استعمال كل وسائل العنف والإهانة والخداع.
إن التسامح لا يعني تقبل الظلم الاجتماعي أو تخلي المرء عن معتقداته أو التهاون بشأنها، بل يعني التسامح أن الإنسان حر في معتقداته، وبأن البشر مختلفين في مظهرهم وأوضاعهم ولغاتهم وقيمهم ودينهم، لهم الحق في العيش بسلام.
وبهذا فالفلسفة من خلال دعوتها للتسامح فهي تنبذ العنف وتدعو إلى السلام عبر تجنب الحروب والاقتتال، وخلق ظروف للتعايش والترابط بين الأفراد والجماعات سواء كانت إثنية أو عرقية أو ثقافية أو دينية أو لسانية ...
الكرامة : بين الكرامة والفلسفة علاقة وطيدة تتمثل في الأسس التي بني عليها صرح حقوق الإنسان، وبهذا فالكرامة وجدت لها أرضا خصبة داخل حقل الفلسفة، خصوصا مع فلاسفة عصر النهضة وفلاسفة عصر الأنوار، وما الثورة الفرنسية إلا تجسيد عميق لمفهوم الكرامة الذي يحيل على الحرية التي تضمن إرادة البشر واستقلالهم الذاتي في إطار قوانين الواجب الأخلاقي والخير والفضيلة، لا هيمنة الغرائز والأهواء وسيادة الأنانية والاستبداد. فالحرية هي شرط إمكانية الكرامة أصلا، وسبيل نحو تأسيس العدل والسلام في العالم.
إن الكرامة هي اللبنة الأساس التي بني عليها ميثاق الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، لكونها الحامل لكافة المبادئ الأخرى لحقوق الإنسان، كالتسامح والتضامن والتعايش...











الطبيعة والثقافة

تمهيد: إن الحديث عن الطبيعة والثقافة يقودان إلى أهمية الكشف عن الروابط والفوارق التي تحدثها العلاقة بين المفهومين، وذلك عبر الوقوف عند حدود كل مفهوم.فما المقصود بالطبيعة؟ وما المقصود بالثقافة؟ وما الحدود الفاصلة بينهما؟ وأين تنتهي الطبيعة ومن أين تبدأ الثقافة؟ إن الإجابة عن هذه الأسئلة التمهيدية سيقودنا إلى الحديث عن علاقة الإنسان بالطبيعة بمعنى كون الإنسان ينتمي إليها، وأيضا الحديث عن علاقته بالثقافة، بمعنى كون الإنسان كائن ثقافي ومنتج للثقافة، وهو ما يدفعنا إلى طرح أسئلة أخرى من قبيل:
بم تتميز الطبيعة الإنسانية عن الطبيعة بمعناها العام، وما شكل العلاقة بين الإنسان والطبيعة؟ ومن أين يستمد الإنسان القدرة على إنتاج الثقافة وتجاوز الطبيعة؟
مفهوما الطبيعة والثقافة:
مفهوم الطبيعة:
يستعمل لفظ " الطبيعة" لوصف مجموعة من الموجودات المادية كالجبال والحقول والأشجار والأنهار والوديان...، كما يطلق لوصف المزاج والسلوك الإنساني كأن نقول :"هذا شخص طبيعي"، أو لوصف شيء معين كقولنا : " هذه مادة طبيعة، أو منتوج طبيعي" غير ان مفهوم الطبيعة يحمل معنى الفطرة في اللسان العربي، وكذا السجية والطباع التي يزاولها الفرد...
وفي المصطلح الفرنسي مشتق من كلمة Physis الإغريقية و Natura اللاتينية، وهي بمعنى القدرة على النمو الكامنة في كل الأشياء أي القوة الحاضرة فيها، وهي قدرة يجد الإنسان نفسه بداخلها دوما، مثل السماء والأرض والكواكب والنجوم، لأنها كلها ضمن الطبيعة، غير أن هذا المفهوم سيتم تناوله بمعنى آخر خاصة مع أفلاطون وأرسطو وهو أن الطبيعة شيء ما هو فكرته أو شكله، وكل ماهيته أي جوهره وكنهه. يقال عنها طبيعته والطبيعة الأولى هي الماهية.
عموما الطبيعة هي كل ما لم تتدخل فيه الفاعلية الإنسانية، ويبقى على حاله الأول قد يكون خارجيا ( فيزيائيا ) أو داخليا ( بيولوجيا)، مما يدل على وجود عالمين هما العالم المادي، والعالم الإنساني.

مفهوم الثقافة:
هناك تعدد في تعارف مفهوم الثقافة، لكنها جميعها تتفق عامة في القول بان الثقافة تعلم وبأنها تسمح للإنسان بالتكيف مع وسطه الطبيعي ... وأنها تتجسد في المؤسسات وفي طرق التفكير و في الأشياء العادية.
الثقافة حسب تايلور : هي ذلك الكل المركب الذي يشمل المعارف والمعتقدات والفن والأخلاق والقوانين والتقاليد وكل الأعراف الأخرى والعادات المكتسبة من طرف الإنسان باعتباره عضوا في مجتمع. إذن الثقافة هي أساليب السلوك التي تتصف بأنها تكتسب عن طريق التعلم والتلقين. لكن كيف نميز بين السلوك الإنساني الطبيعي والثقافي؟ يتناول " بيلز" الباحث الانثربولوجي مسألة الطبيعة والثقافة، محاولا رصد بعض أنواع السلوك عند الإنسان التي يشترك فيها مع بعض الأنواع الأخرى، وكذا الفروق بينهما مبرزا انه رغم انتماء الإنسان بيولوجيا إلى العالم المادي " عالم الطبيعة" إلا أنه استطاع أن يخلق لنفسه أنماط جديدة من السلوك التي تتصف بأنها تكتسب عن طريق التعلم والتلقين، هذه السلوكات المتنوعة ( طريق الأكل مثلا) هي مظهر من مظاهر الثقافة تميز بين السلوك الحيواني النمطي الثابت والسلوك الإنساني المتجدد والمكتسب. فإذا كان مفهوم الطبيعة يحمل بعدا بيولوجيا ومفهوم الثقافة يشير إلى كل ما هو مكتسب ومتعلم، فإن كلود ليفي ستراوس حاول الوقوف عند مسألة التمييز بين حالتي الطبيعة والثقافة.
فحالة الطبيعة هي كل ما يوجد في الإنسان بحكم الإرث البيولوجي، أو من حيث الخصائص الفطرية التي تولد مع الإنسان مثل الغرائز الجنسية والعدوانية التي توجد لدى جميع الكائنات الأخرى أيضا.
إن الإنسان في هذه الحالة يحكمه قانون الغاب حيث الإنسان يكون ذئبا لأخيه الإنسان على حد تعبير " طوماس هوبز" فحالة الطبيعة هي حالة صراع وعنف وجور، وهذا معيار كوني حسب ليفي ستراوس.
أما حالة الثقافة فهي مجموع المعارف وأنماط العيش والتقاليد والمعتقدات التي لا تدخل في طبيعة الإنسان الأولى، وإنما اكتسبها نتيجة الاجتماع والتواصل، إنها مختلف الخبرات والمعارف التي يكتسبها الإنسان بغية السيطرة على الطبيعة، وهذا ما يسميه ليفي ستراوس بمعيار القاعدة.
إذن هل يمكن الفصل بين الطبيعة والثقافة؟ حسب ستراوس لا يمكن التمييز نظرا لوجود تداخل قوي بينهما، وتمفصلهما يقتضي التمييز بين الحالتين لرصد السلوكات الإنسانية خلالهما مع الإشارة أن الإنسان حتى وإن كان في حالة الثقافة ( العالم الإنساني)، قد تصدر منه مجموعة من السلوكات الجنسية أو العدوانية التي ترده مباشرة إلى حالة الطبيعة (العالم المادي) التي يشترك فيها مع الحيوان.
أمثلة تحيل إلى الطبيعية: النوم – الصراخ- الأكل- التوالد- العدوان- المشي...
أمثلة تحيل على الثقافة : الفن – اللغة- الطبخ- الفروسية- القانون- العرف- العادات- اللباس- الوشم ...





































الإنسان كائن ثقافي

تمهيد:
إن التحديد الذي اوليناه لمفهوم الثقافة تحديد متعلق بالإنسان دون سواه من الكائنات الاخرى، غير ان هذا التحديد يحيلنا على مجموعة من التساؤلات من قبيل: ما هي الاسباب التي تدفعنا إلى تعريف الإنسان ككائن ثقافي؟ما هي مظاهر الثقافة وتجلياتها عند الإنسان؟
للإجابة على كل هذه الاسئلة، نعثر على ليفي ستراوس لا يقدم الإنسان باعتباره صانعا، فالصناعة ليست علامة مميزة للثقافة، بل ما يجعل الإنسان إنسانا وينتمي إلى عالم الثقافة هو قدرته على التواصل اللغوي اللساني مع أفراد مجموعته البشرية، وبهذا فاللغة هذه الأداة الأساسية والوسيلة التي تميز الإنسان عن باقي الموجودات باعتباره كائن ثقافي. وقد عملت الدراسات والأبحاث العلمية على إثبات أن اللغة موقوفة على الإنسان وحده دون غيره، وهذا يبرز من خلال الدراسات التي أجراها كارل فون فريش على خلية النحل ، إذن حاول بنفنست من خلالها المقارنة بين الإنسان والحيوان الخروج بمجموعة من الخواص وهي تميز اللغة الإنسانية من حيث الطبيعة والمقاصد عن التواصل الحيواني، فاللغة البشرية يتحكم فيها جهاز صوتي وعلى العكس نعثر على أن الرسالة عند النحل تعتمد كليا على الحركة من خلال الرقصة. فهذا التواصل الذي يحدث بين النحل ليس صوتي بل حركي مما يحتم ضرورة توفر الظروف المناسبة لإدراك محتوى الرسالة والمتمثل في توفر الرؤية التي لا يمكن أن تتم في الظلام، أما اللغة الإنسانية فهي لا تعرف هذا التضييق. وإذا ما انتبهنا إلى لغة الإنسان فهي تتحدد بوصفها لغة حوارية تعتمد على تبادل الرسائل اللغوية و الخوض في مواضيع متعددة، وعل العكس من هذا فالتواصل عند النحل يتعلق بالمحتوى الواحد وهو الغداء مع غياب الحوار بل هناك الاستجابة الفورية تجاه معطيات الرسالة التي تبدو غير قابلة للتحليل والتفكيك وإعادة التركيب، غير أن اللغة الإنسانية نجده تتفرد بمعطى التمفصل والتقطيع وإعادة التركيب.
إذن هناك فوارق واضحة بين اللغة الإنسانية والتواصل الحيواني الذي لا يرقى إلى مستوى اللغة عند الإنسان وبالتالي فكل لغة تواصل وليس كل تواصل لغة. ويتجه أندري مارتينيه هو الآخر ومعه كلود ليفي ستراوس لتأكيد تفرد الإنسان بخاصية اللغة القابلة للتمفصل، غير أن هذا التمفصل الذي تتميز به جميع الألسن بدون استثناء يمكن تحديده من خلال ضربين:
التفصل الأول ومؤداه أنه بالمقدور تحليل اللغة وردها إلى وحدات دلالية صغرى لا تقبل أن تقطع وتجزأ إلى وحدات أصغر منها حاملة للدلالة والمعنى وهي تسمى بالمونيمات.
التمفصل الثاني مفاده أن اللغة الإنسانية قابلة لأن تحل إلى وحدات صوتية صغرى ليست حاملة للدلالة والمعنى ولا تقبل بدورها أن تحل إلى وحدات صوتية أصغر منها خالية من الدلالة والمنى وتكنى بالفونيمات.
وبالاعتماد على هذه الوحدات الصوتية يمكن إنشاء عدد لا متناه من التراكيب والخطابات عن طريق تجديد التركيب والتأليف وهو ما يحدد قيمة التمفصلين في ما لهما من اقتصاد لغوي للتعبير عن وقائع تجريبية غير متناهية.
إذن اللغة هي المظهر الثقافي الأكثر اكتمالا في مظاهر نظام الثقافة حسب ستراوس.
إلا ان مالينوفسكي يقترح اقتراحا آخر، مبرزا أن الإنسان كائن ثقافي لكونه يعيش في إطار مؤسسات تلبي حاجاته ورغباته وتتحكم فيها، فداخل المؤسسات يحقق الإنسان حاجاته المتنوعة على نحو منظم وهادف ، لأن هذه المؤسسات تقوم على قوانين وقواعد هي التي تحكم العلاقات الإنسانية داخلها، وتهدف إلى تنظيم سلوكات الأفراد والجماعة، وهي تأخذ طابعا إلزاميا وإكراهيا، فكل مؤسسة مهما كان حجمها يحكمها ميثاق على منواله تعمل وتشتغل، ومن ضمن هذه المؤسسات نذكر مثلا على سبيل المثال : الأسرة، المدرسة، النادي، الجامعة، البنك، البرلمان ...

الطبيعة والنشاط الإنساني

تتحدد علاقة الانسان بالطبيعة منذ البدء كعلاقة يتجادبها الانسجام والصراع، غير ان الطبيعة لما خلقت، فقد خلقت كفضاء يمد العون للانسان ويسهم في بقائه والحفاظ على نوعه شأنه في ذلك شأن باقي الكائنات، كما ان الطبيعة قدمت نفسها كمجال للراحة والاستمتاع بمشاهدها ومناظرها الخلابة المختلفة التي تثير الرهبة والاندهاش.أمام هذا السيل الجارف من عطايا الطبيعة واستفادة الإنسان المتواصلة منها، ما شكل العلاقة التي أقامها الإنسان معها؟ هل هي علاقة توازن وانسجام أم هي علاقة استغلال وسيطرة؟
تقودنا الابحاث والدراسات في العلوم الإنسانية إلى رصد طبيعة العلاقة بين الإنسان والطبيعة كيف كان شكلها وكيف صارت حاليا، لهذا سنتتبع ملامح هذه العلاقة منذ البدء.يقول جان جاك روسو : " لم يكن الإنسان يعرف غير الغريزة، فلم تخالجه رغبة سوى احتياجاته العضوية، ولم يتصور في الكون خيرا إلا الغداء، والجنس والراحة. ولم يتصور فيه شرا إلا الالم والجوع. وكان سعيدا ".
نلاحظ من خلال ما قاله روسو، ان العلاقة بين الطبيعة والانسان في المراحل الاولى من تاريخه، هي علاقة انسجام وتناغم وارتباط وثيق منتعش بسعادة عارمة وفائقة لا توصف. لقد كانت مصدر إلهام الإنسان ونبوغه الفكري التأملي، ويتجلى لنا ذلك في علاقة الفلاسفة بالطبيعة من خلال محاولاتهم الاولى تفسيرها كما هو الشأن عند الفلاسفة الطبيعيين الايونيين. لقد ميز راسل بين مرحلتين في علاقة الانسان بالطبيعة.
المرحلة الاولى : تميزت بعلاقة حب وانجداب الإنسان إلى الطبيعة من خلال عمليات التأمل والاستمتاع التي حظي بها الإنسان اليوناني مثلا، فقد كانت الطبيعة ملهمة الفلاسفة، ومحركة يقظتهم الفكرية، فاقاموا معها علاقة حميمية غايتها البحث السعادة والتوافق، وليس الفلاسفة وحدهم من احسنوا التعامل مع الطبيعة فقد الهمت فيما بعد الشعراء والادباء وكانت مصدر إيحاء للتعبير عن الجمال والتغني به ايضا، واستعارة بهائها وإضفائه على الانسان.
المرحلة الثانية: وهي على خلاف المرحلة السابقة، تميزت بكونها أحدثت تحولا كبيرا في طبيعة هذه العلاقة، فبعد ان كانت الطبيعة مصدر تأمل ومعرفة وانسجام واحترام ومحبة، واستفادة من خيراتها وعطاءاتها، تغيرت النظرة إلى الطبيعة مع العلم الحديث خاصة مع ظهور الصناعة التي ستجعل الإنسان يتدخل في الطبيعة باعتبارها موضوعا لنشاطه وسيطرته، حيث سعى إلى تغييرها وتطويعها تلبية لطموحاته، فالأرض كشفت تربتها بوصفها مستودعا للمعادن، والحقول تغيرت وحجبتها بيوت بلاستيكية، والانهار بتدفقها واسترسالها توقف جريانها ببناء سدود عليها، وصارت مياهها كما هو الشأن لمياه البحر مخزنا للنفايات ومخلفات المعامل، وصفاء السماء وزرقتها تلبدت بدخان وغازات ملفوظة من مداخن المعامل والمصانع...
فظهرت أمراض لم تكن معروفة من قبل، وبدأت أنواع حية من الانقراض، فتغلغل الموت في اجسامنا واتسعت دائرته لما تنامت اشكال القلق من آثار الاستنزاف والتلوث.إن علاقة الانسان والطبيعة تحولت من علاقة إنسجام إلى علاقة مواجهة، فالإنسان يستغلها بواسطة صناعته المتطورة، والطبيعة راحت تهدد سلامته وكيانه من خلال تمردها على الانسان الذي لم يحسن علاقته معها، وافقدها توازنها، فكان لابد للعالم ان يشهد مثل ظاهرة المد البحري (تسونامي) والاعاصير الاستوائية والانهيارات الارضية والبراكين والزلازل والجراد ووباء الأنفلونزا .
إذن امام هذا المد الهائل من استغلال الطبيعة، هل تمكن الإنسان من تحقيق السعادة التي كان يعرفها من قبل؟ إن السعي نحو تطويع الطبيعة واكتشافها والتحكم في قوانينها من قبل الإنسان نتج عنه عدة مشكلات ساهمت في خلق جمعيات مدنية وحكومية تعمل جاهدة على الدفع بعلاقة الإنسان مع الطبيعة إلى التحسن و إعادتها إلى سابق عهدها، وقد تخلل ذلك إصدار تعهدات وإعلانات ومعاهدات دولية وإصدار قوانين لحماية البيئة والكف عن تدميرها. وهكدا تولدت عند الإنسان رغبتان متباينتان، الاولى رغبة في الاستمتاع بجمال الطبيعة وإحداث علاقة حميمة معها، والثانية رغبة في السيادة على الطبيعة وتملكها واستغلال ثرواتها لمصلحته نتج عنه تخريب ودمار لهذه الطبيعة وإعلان لبداية موتها.
التنوع الثقافي

إن التعدد الملاحظ على مستوى الثقافات الإنسانية، يعني أن الحضارة الإنسانية منقسمة ومتنوعة ومختلفة، وهذا لا يلغي وجود بعد ثقافي كوني يقوم على أساس التواصل والتعايش وإزالة الهوة بين الأفراد والجماعات والشعوب. إذن هل يمكن الحديث عن ثقافة كونية أم تعدد الثقافات واختلافها؟ كيف نفسر تعايش الثقافات رغم صراعها؟
يشير مفهوم التنوع الثقافي إلى اتسام الثقافة البشرية بسمة التنوع والاختلاف، فالحضارة الإنسانية منقسمة في فعاليات متنوعة تتمثل في تعدد المعتقدات وقواعد السلوك واللغة والدين والقانون والفنون والتقنية والعادات والتقاليد والأعراف والنظم الاقتصادية والسياسية. فكل مجتمع إذن يسعى جاهدا نحو الحفاظ على هويته وما يميزه ويعطيه خصوصيته واستقلاله عن باقي الثقافات الأخرى، ومن الواضح أن هذا المصطلح نشأ في سياق ثقافي معين اتسم بتنامي تعرض الكثير من الثقافات البشرية للتراجع والاضمحلال والإقصاء و أحيانا الزوال، في الوقت الذي بدأت فيه ثقافات معينة تنتشر بسرعة على حساب الثقافات المتراجعة و بدا أن بعضها بدأت تفرض هيمنتها على سائر ثقافات العالم على نحو يهدف إلى سيادة الثقافة والواحدة ومنحها طابع الكونية.
إن التشبت بالهوية والخصوصية والمحلية، لا يعني الانغلاق والتقوقع، فمعظم المجتمعات تعمل على الانفتاح على الثقافات الأخرى في إطار التعايش والتثاقف والإيمان بالحوار والحق في الاختلاف، إنها تدمج داخلها مجموع المعارف والتقنيات والأفكار والتقاليد وهذا لا يتحقق إلا عن طريق تواصل هذه المجتمعات وتعايشها مع بعضها البعض على أساس لا ينكر حق الشعوب والأقليات والأشخاص في التمتع بثقافتهم أو استعمال لغتهم أو التدين بدينهم والحفاظ على تراثهم... من هنا تنتفض ثقافة المجتمعات للدفاع عن نفسها وعن حقها في الوجود، لأن الهوية الثقافية تحفز كل شعب، وكل مجموعة بشرية، على استمداد التغذية الروحية من التراكمات المعرفية التي تؤسسها.
من هنا كان شرط التعايش والاحترام أساس البيان الذي أصدرته اليونسكو سنة 1982، والرامي إلى أهمية الدفاع عن الهوية الثقافية لكل شعب، واحترام الأقليات الثقافية وكل ثقافات العالم.
وإذا ما ربطنا موضوعنا بالمغرب كمثال، فإننا نجده يتشكل من تنوع ثقافي واضح، هذا التنوع يذوب داخل روح اجتماعية واحدة أساسها التعايش والترابط المشترك والائتلاف، وينفي الإقصاء والتهميش، مما اكسب المغرب غنى ثقافيا متنوعا سواء أكان لغويا أو قبليا أو دينيا.
إن السعي نحو القوة والسيطرة والهيمنة لن يفضي إلا إلى الصراع مع الشعوب الراغبة في الحفاظ على وجودها وصيانة هويتها وبالتالي تكريس الحروب والصراعات فيما بينها، وهذا لن يتجاوز إلا عبر الإقرار بحق الشعوب والأقليات في التمتع بكل فعاليات ثقافتهم سواء أكان دينيا أو لغويا أو عرقيا أو غيره... وكذا الانتقال من التعصب إلى التسامح، ونبذ ما يستبدل الحوار بين الشعوب بالنزاع، والتعاون بالشقاق، والاعتماد المتبادل بالانغلاق على النفس. وإشاعة السلام القائم على العدل في الكوكب الأرضي الذي تحوّل إلى قرية كونية بفضل ثورة الاتصالات المذهلة. والاحترام الكامل للهويات الحضارية، وعدم التمييز بين الثقافات، والقضاء إلى الأبد على مفاهيم التميز العرقي وعولمة الثقافة الواحدة وكونيتها.
حاصل القول، إن التنوع الثقافي يقوم على المساواة الكاملة بين الشعوب، واحترام الاختلاف بينها، والنظر إلى هذا الاختلاف بوصفه مصدر غنى لا يحول دون التفاعل وتبادل الخبرات، ومن ثم الحفاظ على العلاقة الحوارية بين المحلي والعالمي، الخاص والعام، وذلك في المدى الذي تغتني به العلاقة بين كل الأطراف، من دون تمييز أو تراتب، بل من منظور نفهم غايته من خلال مبدأ صاغه الهندي "المهاتما غاندي" عندما قال
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://madrasttarrasst.yoo7.com
 
دروس فس الفلسفة لسنة الاولى ثانوي عتيق
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» عوامل نشأة الفلسفة الإسلامية الاولى
» برنامج مادة الفلسفة مع تحليل النصوص سنة 1 ثانوي
» التقرير الأدبي والمالي لسنة 2011
» إمتحان محلي مادة الفلسفة
» ورقة تلميذ حاصل على 20/20 الفلسفة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى مدرسة المسجد الكبير العلمية العتيقة بتراست  :: المواد الموازية :: الفلسفة-
انتقل الى: