خطبة منبرية أولى في الحج والاستطاعة
الحمد لله الذي أوجب فريضة الحج على المسلمين،وجعله ركنا من أركان الدين،نحمده تعالى وبه نستعين،ونستغفره جل علاه من كل ذنب إقترفناه في السر والاعلان،ونتوب إليه وهو الغفور التواب الرحيم،ونشهد أن لاإله إلا الله وحده لا شريك له،الملك الحق المبين،ونشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله الصادق الامين،أفضل وأجل وأخلص من حج واعتمر وجاهد في سبيله حتى أتاه اليقين،صلى الله عليه وسلم وعلى ءاله الطيبين وصحابته الاكرمين.
أما بعد فيا معشر المسلمين:
إنه كلما حل موسم الحج وهلت شهوره،إلا وتتجه أنظار المسلمين في كل مكان،وتتشوق قلوبهم ونفوسهم للبقاع المقدسة،والكعبة المشرفة،لأداء الفريضة الاسلامية،فريضة الحج التي جعلها الله تعالى قاعدة من قواعد الاسلام الخمسة،أوجبها الله على من استطاع إليها سبيلا،فقال سبحانه [[[ ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العلمين]]] والاستطاعة هذه تتمثل في ثلاثة أشياء،1" إستطاعة بدنية وصحة سليمة يستطيع بها الحاج تأدية شعائر الحج ومناسكه على الوجه المطلوب،2" واستطاعة مالية تمكنه من الذهاب والاياب،والنفقات الضرورية التي لابد منها،
3" توفر الامن،وحينما تتوفر هذه الاستطاعة البدنية والمالية والامنية،فإنه يجب على المسلم،التعجيلُ والمبادرةُ لأداء فريضة الحج دون تراخ أو تماطل أو تسويف،فقد روي الامام أحمد وأبو داوود بسندهما إلى رسول الله "ص"قال:[ من اراد الحج فليتعجل فإنه قد يمرض المريض وتضل الراحلة وتعرض الحاجة،] وليحذر المتراخون والمسوفون الوعيد الشديد،الوارد عن رسول الله "ص"فيما رواه الامام أحمد وأبو داوود عن ابن عباس "ض"عنهما أن رسول الله "ص"قال:[من ملك زادا وراحلة تبلغه إلى بيت الله الحرام،ولم يحج فلا عليه أن يموت يهوديا أو نصرانيا] لقول الله تعالى [[[ ولله على الناس حج الآية]]] أيها المومنون:
إن سماحة الاسلام جعلت شرط الحج الاستطاعة،فلا ينبغي السلف والاقتراض لدين قد يعجز على أدائه،ولا استجداء الناس ومد اليد إليهم،فعن ابن عباس "ض"عنهما قال:"أهل اليمن يحجون ولا يتزودون ويقولون نحن المتوكلون فإذا قدموا مكة سألوا الناس وطلبوا إعانتهم على أداء الفريضة فأنزل الله تعالى [[[ وتزودوا فإن خير الزاد التقوى ]]] بأمر إلهي يجب أخذ الزاد الضروري حتى يتقي سؤال الناس،وبين الله تعالى أن أفضل الزاد وأحسن ما يتزود به المسلم من دنياه لأخراه،هو تقوى الله وطاعته بامتثال أمره واجتناب نهيه في كل زمان و في كل مكان،فالانسان مرتحل من دنياه لأخراه،فلا بد له من زاد يطمئن به قلبه،وخير الزاد هو زاد التقوى،ولذا قال عز وجل [[[ واتقون يأولي الالبب ]]]
عباد الله :
إن الله تعالى شرع عبادة الحج والعمرة وأمر بهما في كتابه الحكيم فقال:[[[ وأتموا الحج والعمرة لله]]] وقال:[[[ فإذا أمنتم فمن تمتع بالعمرة إلى الىالحج الآيـــــة]]] وعلمنا الرسول "ص"كيفية أداء هذه العبادة بقوله وفعله فقال وهويؤدي مناسك الحج [خذوا عني مناسككم] أي تعرفوا على أركان الحج من احرام وطواف ببيت الله الحرام وسعي بين الصفا والمروة ووقوف بعرفة وغيرها من الواجبات والسنن ،وعلى سنة العمرة وأحكامها،الشيء الذي يجب أن يكون الحاج على علم به قبل الشروع في هذه الشعيرة الاسلامية العظيمة حتى تستوفي الشروط المطلوبة،لأن الله تعالى لا يعبد بالجهالة بل بالعلم والمعرفة والدراية.
هذا وقد بينت السنة أن الحج فريضة مرة واحدة في العمر،القولية منها والفعلية حيث قال "ص" لمن سأله "أنحج في كل عام أو مرة واحدة؟فقال :[بل مرة واحدة فمن زاد فهو تطوع] ولم يحج "ص"بعد أن فرضه الله تعالى إلا مرة واحدة،وكذالك العمرة سنة مرة واحدة في العمر،وقد أجاب "ص" من سأله عن العمرة أهي واجبة فقال:[لا وأن تعتمروا أفضل ]
تقبل الله من حجاجنا الميامين ونفعنا جميعا بدعواتهم الصالحة في تلكم الأماكن المقدسة .
ءامــــــــــيـــــــــــــــن والحمد لله رب العالمين
بقلم أحمد اليوربوعي بالمسجد الكبير العتيق تراست