الخطبة الثانية
الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، الحمد لله كما يحب أن يُحمد، واشكره وأجَل شكره أن يُعبد، وأستهديه لسلوك طريقه المعبد، واستغفره وأتوب إليه من كل ذنب أذنبته خطأ أو في العمد، واشهد أنه الله الواحد الأحد الفرد الصمد، ونشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله وصفيه الممجد، صلى الله عليه وعلى آله وعلى صحابته الكرام وكل من سلك نهجه الممهد.
عباد للـــــه
تطرقنا اليوم إلى أوامر إلهية ضمنها الله كتابه المنزل، وحددها على لسان نبيه الأكرم (ص)، أوامر إلهية تغافل الناس عنها واستهانوا بها، مع أنها من صميم الدين، ومن مكارم الأخلاق التي من اجل إتمامها بُعث النبي عليه السلام، مع ما فيها من تقوية الأواصر الاجتماعية بين المسلمين، وتوطيد أركان المحبة بين المومنين، ودواءٍ نافع جدا لِمَحق بذور الشر والكراهية المزروعة من طرف الشياطين الماكرين.
ووصلنا إلى الخلق الخامس وهو رد السلام، فرد السلام على من سلم عليك واجب، لقوله تعالى " وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا" وفي رد السلام ـ علاوة على الثواب الجزيل ـ فوائدُ اجتماعية وأخلاقية،
ـــ منها تأمين وحشة المسلم واطمئنان قلبه إليك ورغبته في مجالستك، ومفتاح للتعارف المأمور به بنص القرآن، والتعاون
ـــ تقوي الأخوة وتزيد في المحبة وتكثير الإخوان والأصدقاء، بشرط أن يكونوا أهلا للصداقة بمعايير إسلامية، وهي كثيرة.
ـــ وليس السلام ورده شعارا بلا روح، بل لفظه من أسماء الله تعالى، وهو سلام أهل الجنة، ومفتاح المعرفة،وعهد الأمان،وعربون المحبة.
وسنخصص لكل هذه الأوامر مواضع خاصة إن شاء الله لأهميتها واستهان الناس بها .
أما نصرة المظلوم، فمن حق المسلم المظلوم على إخوانه الوقوفُ بجانبه لنصرته ونجدته، فقد قال (ص) انصر أخاك ظالما أو مظلوما، فقيل هذا إذا كان مظلوما، فكيف وهو ظالم؟ قال أن تكفه عن الظلم فهو نصرة له أو كما قال .
فالشهامة الإسلامية والعدالة الإلهية، لا يسمحان للأمة ولكل مسلم أن تمتهن كرامة المسلم ولا من يأخذ بيده ويَعضِده. فالظلم من أكبر الكبائر، وعواقبه وخيمة في الدنيا والآخرة. فقد ورد "المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يخذله ولا يُسلمه.
السابع إبرارالمُقسِم، يقول تعالى" وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ" ولا ينبغي للمسلم أن يُعوِّد لسانه الحلف، فإذا كان هناك موجب شرعا، فلا يحلف بغير الله، لقوله (ص)" من كان يومن بالله واليوم الآخر فليحلف بالله أو ليصمت" فإذا حلف لا ينبغي لأخيه أن يتسبب في حِنته، بل يُعينه على البرور بقسمه، فاسم الجلالة لا يعبث به إلا كافر أو منافق. أما المومن فإن قلبه مملوء بجلال الله تعالى وعظمته وخشيته، فلا يسمح له قلبه بالمساس بأعظم حرمة في الكون.
عباد الله، فالموضوع واسع ومتشعب، ولا يسمح الوقت لأكثر من هذا، وان كانت فيه الغنية لمن آمن و" أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ". وسنتابع الموضوع في الأوقات اللاحقة إن شاء الله.
جاعلين مسك الختام الصلاة والسلام .....
ذ: أحمد اليوربوعي من المسجد الكبير العتيق بتراست