أيها السادة، لا بد من التذكير، لأن الذكرى تنفع المؤمنين، ولا سيما شبابنا الذي هو مستقبل الأمة ببراهين تثبت مدى تعلق المغاربة بنبيهم صلى الله عليه وسلم، ومدى شغفهم بحبه، من ذلك بعض مؤلفات علماء وربابيوا هذا الوطن وما تميزوا بها على غيرهم، والقبول الذي أحاط الله به عملهم مما يدل على إصلاحهم وصدقهم، وكمثال على ذلك: "كتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم" للشيخ الرباني الكبير سيدي القاضي عياض البستي، الذي تلقته الأمة شرقا وغربا بالقبول شرق فيه وغرب بكل ما يتعلق بحياة وأخلاق وسيرة سيد العجم والعرب، وبه قديما وحديثا تحتم هذه الذكرى العظيمة، وهي سنة السلف جددها أمير المؤمنين نصره الله، الذي أحيا الله بولايته المباركة كثيرا من السنن الحميدة، وككتاب "دلائل الخيرات" الجامع لكثير من صيغ الصلوات المرويات على سيد السادات للشيخ الرباني سيدي محمد بن سليمان الجزولي، الذي هو مع الشيخ عياض من الأقطاب السبعة المشهورة بمدينة مراكش الحمراء، والذي لا تجد خزينة علمية ولا زاوية من الزوايا إلا وفيها نسخة من هذا الكتاب، وكهاتين القصيدتين الطنانتين في مدح خير البرية التي حظيت بدورها بالقبول حتى جعلها المغاربة وردا يقرء كل جزء منها مع الحزب الراتب صباحا ومساء وهما "البردة" و"الهمزية" للشيخ البوصيري المنسوب لصنهاجة أصلا، وبهذا كان مغربيا أصالة، وغالب القصائد التي يصدح بها المادحون للجناب الشريف من نظم علمائكم معشر المغاربة، ومن جملتهم صاعقة العلوم سيدي الحسْن اليوسي وبلبل سوس وأديبها سيدي الطاهر الإفراني، وذكرنا لهؤلاء الأقطاب من قبيل المثال لا الحصر.
أذكر بهذا أبنائنا من الشباب أن في بلدهم شموسا مستنيرة، تسطع بدورها في الشرق لكي يفهم شبابنا أن بلدهم - والحمد لله- بلد مصدر لمنتوجه العلمي والروحي بدوره إلى الشرق.
وأن الرابطة المحمدية للعلماء المؤسسة بظهير شريف صادر في 15 محرم 1427هـ/ 14 فبراير 2006 من مهامها ما ورد في خطاب جلالة الملك بمناسبة ترؤسه للمجلس الأعلى يوم 28 رمضان 1429/ 27 شتنبر 2008،" بأن الرابطة المحمدية للعلماء من مهامها تعبئة كل الطاقات العلمية التي تزخر بها بلادنا، وأن تكون هيأة متكاملة ومتفاعلة مع مكونات الصرح الديني الذي وضعنا قواعده...". انتهى نص خطاب جلالته.
ومنذ تأسيسها أخذت على عاتقها تفعيل مهامها بتأسيس مراكزها البحثية التي وصلت حتى الآن اثنى عشر مركزا، من جملتها: مركز للتراث العلمي الجهوي بأكادير، وهي تبحث لحد الآن على الموقع الملائم لاستقبال التراث العلمي الجهوي لجهة سوس ماسة درعة، وإصداراتها لحد الآن من منشوراتها المكتوبة والإلكترونية، وجريدتها "الإحياء" وندواتها المطبوعة والمخطوطات المحققة التي طبعتها في وقت وجيز قد أغنت الخزانة العلمية المغربية وحتى الغربية والمشرقية.
من هنا نعلم أن المغرب العلمي بهيئاته العلمية المتعددة استرد زمام المبادرة فب ميدان البحث والنشر، حيث كان يعتقد أن هذا المجال الذي تتشرف به الأمم قد استأثر به الشرق، وللإطلاع على نماذج من مطبوعاتها أقمنا شبه معرض في الطابق العلوي للمسجد لمن أراد من الأساتذة الأفاضل الإطلالة عليه، ومن جملته مطبوع لمن أراد الإشتراك في جريدة منبر الرابطة الأسبوعية، ومجلتها "الإحياء" الفصلية المتخصصة في الثقافتين الدينية والإجتماعية ، ولمن أراد الحصول على إصداراتها فستصله بحول الله بمجرد الكتابة لأمانتها العامة، وحتتى لمن أراد الكتابة في إصداراتها فهي ترحب بكل إنتاج متميز بالمقاييس العلمية المطلوبة، والعلم أخذ وعطاء، ومما تعلمناه من كتاب الله عز وجل:" وقل رب زدني علما".
هذا وأستسمح الحضور الكريم على بعض الإطالة، وشكرا للجميع مرة أخرى على تشريف المقام والإنصات والإستماع لما صدر من الكلام، وعليكم المزيد من التحايا العطرة والإكرام، والسلام عليكم ورحمة الله على الدوام،
والحمد لله في البدء والختام.
بقلم ذ : الشيخ أحمد اليربوعي عضو الرابطة المحمدية للعلماء، ومدير مدرسة المسجد الكبير العلمية العتيقة بترا ست عمالة إنزكان آيت ملول